|
تطْفُو علـيَّ مَشَاعِـرِي فَأَرُدّهَـا |
خَوْفاً عَليها مِـنْ لهيـبِ الشَّاعِـرِ |
وأَخافُ حَرْفِـي أنْ يضيقَ بصمتهِ |
فالْحَرفُ يعرفُ مَا يَجـولُ بِخاطِـرِي |
غادرتـهُ زَمناً فَأفْلَـتَ مِـنْ يَـدِي |
قَلَمٌ تكسّرَ فوقَ لوحٍ ثائــرِ |
وَتجمّدتْ لُغةُ القَرِيضِ فَلـمْ يَعُـدْ |
لِي رَغبَةٌ فِي مَـدِّ بَحـرِ الوافِـرِ |
حتى وإنْ جادت عليّ قريحتي |
أنهيتُ كلُّ مراسمي ودفاتري |
قد كنت أكتب في الظلام حكايتي |
والفجرُ يمسحُ تمتمات السّاهرِ |
قَبلَ الشُّروقِ رَأَيتهُ قَطـرَ النَّـدَى |
وبَرِيقُ عَيـنٍ كالشُّعَـاعِ الكاسِـرِ |
هَلْ أرتوي مِنْ دِفءِ رائعةِ الهوى |
والبردُ يَذهبُ عَن جَبِيـنِ السَّامِـرِ |
أَمْ أَنَّهُ خوفُ اللّقَـاء يُحِيـطُ بِـي |
وَغمامـةٌ تُضفِـي عَلـيَّ بَسَاتِـرِ |
فُتحِيطُنِـي حـذرَاً وَلمَّـا تختفِـي |
شيئـاً فشيئـاَ كالسّـرابِ السَّائِـرِ |
لحِقَ الفـؤادُ خيالهـا فاستنفـرتْ |
منّـي الخطى واستعجلتْ بالصّابـرِ |
هلْ تُدْرِكُونَ بَنـي أَبـي وأحِبَّتِـي |
شَوْقي إلى ذاكَ الزَّمـانِ الغَابـرِ |
هـلْ تَذْكـرُونَ مَقِيلنـا ومَبِيتـنَـا |
ومَراحل العُمرِ السِّريـع الطَّائـرِ |
وأَرى كأنِّي الآن ألعبُ بالحصَـى |
والطيرُ تسْرحُ في الفضاء النَّاشـرِ |
ولَنَا علـى بعـض التِّـلالِ تَكِيَّـةٌ |
وجِدارُ طيـنٍ مـن بنـاءِ العَابـرِ |
وشَرِيـطُ أَحـلامٍ يُبَيِّـنُ للرؤى |
صُوَراً تُبـثُّ بكـلِّ طَيـفٍ باهـرِِ |
غطّى الظلامُ جمالَها بعباءةٍ |
فارتدَّ عنها كلّ طرفٍ ماكرِ |
فتعذّرَ البدرُ البهيُّ بليلها |
والحسنُ يُحجبُ عن مرادِ الناظرِ |
وملامحٌ في مقلتيّ توقفتْ |
ومَسامِعٌ تُصْغِـي لِوبْـلِ الماطـرِ |
فزجرتُ نفسي إذ رأيتُ جموحَها |
تنوي معانقةَ الخيال الزائرِ |
آهٍ وهذا الوقتُ يَسـرِقُ فرحتـي |
ويُطارِدُ الذِّكـرى بِقلـبِ الذَّاكِـرِ |
يَا مَنْ قـرأتَ حِكايَتِـي وَفهِمتَهـا |
هلْ أنتَ منْ بعدِ القراءَةِ عـاذِري ؟ |