- ها انا أفي بوعدي يا أيمن كمال ويا محمد الهضيب فهذه قصيدة الأب -
( دعني ففي خافقي همُّ الملاييـنِ
فجّرْتَهُ عنوةً لـو كنـتَ تعنينـي
دعنـي ففِـيَّ عذابـاتٌ أُمجّدُهـا
سجينتي سيدي في القلبِ تكوينـي
تمورُ في كبدي والعقـلُ محتـدمٌ
في نارِها أوقدت حتى شرايينـي
ماذا سأكتبُ..؟ إني صائـمٌ شَـرِهٌ
وأنتَ في لذّةِ الإفطارِ تُغريني ..!!
إنْ كنتَ ترغبُ أن تُدْمى مشاعرُكم
فإنّنـي قاتـلٌ نفسـي بسكينـي )
الأبيات أعلاه هي لوالدي الشاعر خالد علي العبيدي قالها في السبعينات وهي أول خمسة أبيات من قصيدته المعنونة ( صيحة الجراح ).. المهم .. والدي بنفسه أثبت لكم شاعريته ... لكن دعوني أخرج من صدري بعض ما أُكنُّ له من حب بحروفي المتواضعة التي لا تليق بمقامه.. هذا الشخص الرائع أحبه كثيراً ولا أستطيع ان اتخلى عنه .. تعب علي ورباني خير تربية الى ان أوصلني الى ما احسد عليه... دعوني أرفع له هذه الكلمات المخضبة بالوفاء .. أرجو أن يتقبلها من ابنه المقصر.
( هذا أبي .. فـَلـْيـُرِ لي امرؤٌ أباه )
دعنـي أواسيـكَ فـي هـمِّ الملاييـنِ
فأنتَ كلُّ الـذي فـي الأرضِ يعنينـي
أنت ارتحالي لشـيءٍ لسـت أعرفُـهُ
لأنَّ حبـي حبيبـي لـيـس يكفيـنـي
فيكَ اغترابي .. وبي منفاكَ يا وطنـي
بعضـي ببعضـكَ مكنـونٌ بمكـنـونِ
يا نسمةَ الفضلِ في أركـان صومعتـي
فَديْـتُ طيفَـكَ لمّـا بــات يأتيـنـي
مشى بكَ العمرُ حتـى شبـتَ ناصيـةً
شيبُ النواصي عذابٌ فـي الشراييـنِ
أحنـاكَ صـومُ نهـار ٍ أنـت غـرَّتُـهُ
قيـامُ ليلِـكَ طـول الليـلِ يُبكيـنـي
ترتيـلُ صوتِـكَ آيـاتِ الإلـهِ لـهُ :
وقعٌ بقلبـي .. لـهُ : وقـعٌ بتَسكينـي
خُطـاكَ فجـراً لبيـتِ اللهِ تشهـدُهـا
كـلُّ الـدروبِ وأنسـامُ الرياحـيـنِ
يـا قـدوة ً قــلَّ أشبـاهـا ً وأمثـلـة ً
ماذا أقولُ..؟ لكـي أشفـي عناوينـي
ألهمتـَنـا قبـلَ أكْـلِ الخـُبْـزِ تربـيـة ً
غرسـتَ فينـا ربيعـا ً بـذرة الديـنِ
فللمسـاجـدِ قــد سَيَّرْتـَـنـا قبـسـا ً
ألفيـتُ نــورَكَ فيـنـا كالنَّياشـيـنِ
فكم لفرضِ صـلاةِ الفجـرِ تُوقِظـُنـي
وكـم بحفـظِ كتـابِ اللهِ تُوصيـنـي
وكم تَعِبـتَ لكـي للمجـدِ تُوصلـَنـي
وكـم فرحـتَ بتمجيـدي وعشرينـي
( بابا ) سأبقى الـى السبعيـنِ ألفظـُهـا
( بابا ) - أبي يا أبي - ( بابا ) تُناغيني
مـا زلـتُ أذكـرُ طفـلاً إذ تُعانقنـي
وأجمـلَ الملبـس ِ البـرّاق ِ تُسديـنـي
وفرحةٌ منـكَ - لمّـا جئـتُ أحملُهـا
شهادتي ناجحـاً - بالطيـبِ تحوينـي
بمصرفِ الجيبِ كم قد كنتَ تُفرِحُنـي
وبالألاعـيـبِ والحـلـوى تُسلّيـنـي
وإن مرضـتُ دعـوتَ اللهَ يشفيَـنـي
قضيـتَ ليلَـكَ سَـهّـاراً تُداويـنـي
علّمتنـي كيـف أوراقــي أُرتّبُـهـا
بين القساوةِ - فـي دُنيـايَ - والليـنِ
فكم خفضتَ جناحـاً لـي لِتَنْصَحَنـي
وكـم قسـوتَ كثيـراً كـي تُرَبّينـي
فَمِسْـكُ نَعْلِـكَ فـي ظهـري أُقَدِّسُـهُ
ورسـمُ كفـّـكَ فـي خـدّي يُوَعينـي
وشَهدُ نـُصْحِـكَ فـي أذْنـي يُدغدغـُهـا
كمـا النسائـمُ فـي أيــام تَشـريـنِ
واللهِ , في فمِكَ المعسولِ , : يا ولـدي
تُعـادلُ الكـونَ عنـدي إذ تُناديـنـي
أبي حبيبي .. أبي قلبي .. أبي رئتـي
روحي وقـُرة َعينـي .. منـذُ تكوينـي
يا واحداً مـا رأت عينـي لـه شَبهـاً
عشقتُ فيـكَ حبيبـا ًعشـقَ مجنـونِ
يا والدي كم حروفي تـَمتطـي خَجلـي
هيهات يُوفيـكَ منهـا بعـضُ تَدوينـي
يا قائمَ الليلِ .. صـوّامَ النهـارِ هـدىً
أرحْ جفونَكَ .. فيـكَ السهـدُ يُدمينـي
فاتركْ على طبلـةِ الأوجـاعِ منظـرة ً
عيني لِسَهْدِكَ تشكـو لـي وتشكونـي
أطـالَ عمـرَك ربـي يـا معلـِّمَـنـا
يا نغمةَ العـزِّ فـي صـدرِ الدواويـنِ
أرجـو رضائـكَ مرضـاةً لبارئِـنـا
عسـى رضائَـكَ قـُـربَ اللهِ يُدنينـي
دعني أقولُ لكـلِّ النـاسِ : ذاكَ أبـي
فمَـنْ لديـهِ أبٌ مثلـي ..؟ يُجارينـي
*********
تحياتي
سراب الوصول: زيد خالد علي