مشيب الشباب
ومُستعجلٍ للشيب يبغي وفوده . . . . . ليبصر أمراً ساقه الدهر أبيضا
أرته الليالي سودها في شبابه . . . . . فمرّ به صبح الشبيبة مُعرضا
إذا ما بدا صبحٌ بأفق حياته . . . . . رمته الليالي بالسهامِ فأُجهضا
وأصبحَ ماضيه لديه حديثه . . . . . يقول : خليليَّ اذكرا لي الذي مضى
ليالي الصبا ولّت وولّى نعيمها . . . . . فأصبحَ يلقى باقي العيش مُبغضا
يرى الشعر في داجي الليالي أنيسه . . . . . تُنفّرهُ الدنيا فيغدو مُروّضا
تذكّرَ لما أُشرب المرَّ مالكاً . . . . . رثى نفسه لما تراءى له القضا
تذكّرَ كيف الخيل يغدو ورودها . . . . . وأيامه بين القلائص والغضى
فضاق به عرضُ البلاد وطولها . . . . . وما بيديه حين ضاقَ به الفضا
ولم يلقَ ما يسلي الفؤاد سوى الذي . . . . . يمرّ كمثل الطيف سرعان ما انقضى
وأيامه مرّتْ عليه هزيلة . . . . . وودع في عهد الطفولة ما ارتضى
وأخفى الذي يلقى وأظهر ضدّه . . . . . وأفصحَ في شكواه حيناً وعرضا
فلو كانَ يسطيع ارتجاع طفولةٍ . . . . . لباعَ بها عهد الشبيبة بالرضى
مُصعب السحيباني
6/ 1429هـ