رسالةُ الخُسران
إني رأيتُ بعينِ العينِ في حُلُمٍ أنَّ السماءَ رمتني حيثُ يُبرِقُ صوتُ الرَّبِّ، يَسبقُني الشيطانُ، ينظرُ في عَينيَّ خازنُ نارٍ، لستُ أضطربُ.
أجولُ في سَقَرٍ، حرّاسُها منحوا قلبي الدّليلَ ولا فيها أتيهُ، كأني الآنَ أعرفُها قبلَ المجيءِ، سلاماً ساكني النارِ، للأوغادِ ما كَسَبُوا.
رأيتُ قوماً حُفاةَ الرُّوحِ ينْهشُهُم وحشُ الفضيحةِ، ناموا بينَ عاصفةٍ من العويلِ على ريحٍ تصفّقُ تصفعُ الجثامينَ تخبو ثمَّ تلتهبُ.
سألتُ:
ــ من هؤلاءِ القومُ؟
ــ همْ شعراءُ الأرضِ شاؤوا السماءَ لهمْ، لا يشبهونَ غيومَ الصيفِ، هم سرقوا ماءَ الحياةِ شتاءً، بعدها هربُوا.
سمعتُ/ أبصرتُ أصواتاً تنزَّلَتِ الأورامُ منْ حبْلِها قيحاً وبعضَ دماءٍ.
ــ مَنْ يكونونَ؟
ــ حُرّاسُ البشاعةِ والجيفاتِ، من كسبوا الأتباعَ واكتسبوا.
لم أدرِ كيفَ مضتْ بي العينُ نحوَ سماءٍ تُشبهُ الأرضَ إلا بعضَها، وأرى شيخاً يُجرجَرُ من قفطانه جَزِعاً، يا أيها الشاهدونَ الزّفَّةّ اقتربوا...
ــ مَنْ ذا؟
ــ فقيهٌ بنى في ساحةِ الوجعِ الشَّعْبيِّ خيمتَهُ،غنّتْ كمنجتُهُ مدحاً ورتّلَ فينا جُبْننا وكفى. تلكَ الدّنانيرُ سالتْ ماؤها الكذِبُ.
رأيتُ فاتنةً نزَّتْ أصابعُها بالنفطِ والدّمِ تُدْمي وجهها وكما الثكلى يَشُقٌّ الأسى جلبابَها ندماً، أقدامُ فتنتها في الويلِ تغتربُ.
ــ مَنِ الشقيّةُ؟
ــ تلك المستعيرةٌ خِصْرَ الشرقِ، ألَّهَتِ القوادَ كي تجدَ البحارَ من تحته، ظمآى تمدُّ شعابَها لتعبُرَها الغُدرانُ والسُّحُبُ.
وقفتُ أصرخٌ:
يا أللهُ هاكَ يدي. الأشقياءُ بأيديهم كذا فعلوا، فارتدّ أشعرُهم...لم يسألوا، تبعوهُ، بئس ما تبعوا الفوضى وما تعِبوا.
وقفتُ أصرخُ عند الربِّ ثانيةً:
يا ربُّ خُذني إلى بيتي لأخبرَ عمَّا عَمَّ، علَّ نواطيرَ القصيدةِ يهجرون غاباتِهمْ، شعراً لهم أهبُ.
علّي أشَذِّبُ يا أللهُ لِحْيتَهُم
علّي أطَهَّرُهُم
علّي أخلِّصهم
أبيعُهم شُرُفاتِ الحُلْمِ
هل يسعُ الجحيمَ من قلبوا الرّكبانَ وانقلبوا؟
اليومَ يُسألُ كلٌّ عن فداحته...
ماذا يقولُ نواطيرُ القصيدةِ
قُطّاعُ الطريقِ مدى الأجيالِ
مرتكبو الخواءِ
هل يُنكِرُ المكتوبَ من كتبوا؟