|
أبتاه ماذا قد يخط بناني![](clear.gif) |
و الحبل و الجلاد منتظران |
هذا الكتاب إليك من زنزانة![](clear.gif) |
مقرورة صخرية الجدران |
لم تبق إلا ليلة أحيا بها![](clear.gif) |
وأحس أن ظلامها أكفاني |
ستمر يا أبتاه لست أشك في![](clear.gif) |
هذا وتحمل بعدها جثماني |
الليل من حولي هدوء قاتل![](clear.gif) |
والذكريات تمور في وجداني |
ويهدني ألمي فأنشد راحتي![](clear.gif) |
في بضع آيات من القرآن |
والنفس بين جوانحي شفافة![](clear.gif) |
دبَّ الخشوع بها فهز كياني |
قد عشت أومن بالإله ولم أذق![](clear.gif) |
إلا أخيرا لذة الإيمان |
شكرا لهم أنا لا أريد طعامهم![](clear.gif) |
فليرفعوه فلست بالجوعان |
هذا الطعام المر ما صنعته لي![](clear.gif) |
أمي و لا وضعوه فوق خوان |
كلا ولم يشهده يا أبتي معي![](clear.gif) |
أخوان لي جاءاه يستبقان |
مدوا إلي به يدا مصبوغة![](clear.gif) |
بدمي و هذي غاية الإحسان |
والصمت يقطعه رنين سلاسل![](clear.gif) |
عبثت بهن أصابع السجان |
ما بين آونة تمر وأختها![](clear.gif) |
يرنو إلى بمقلتي شيـــطان |
من كوة بالباب يرقب صيده![](clear.gif) |
ويعود في أمن إلى الدوران |
أنا لا أحس بأي حقد نحوه![](clear.gif) |
ماذا جنى فتمسه أضغاني |
هو طيب الأخلاق مثلك يا أبي![](clear.gif) |
لم يبد في ظمأ إلى العدوان |
لكنه إن نام عني لحظة![](clear.gif) |
ذاق العيال مــرارة الحرمان |
فلربما وهو المُرَوِّعُ سحنة![](clear.gif) |
لو كان مثلى شاعرا لرثاني |
أو عاد من يدري إلى أولاده![](clear.gif) |
يوماً وذُكِّرَ صورتي لبكاني |
وعلى الجدار الصلب نافذة بها![](clear.gif) |
معنى الحياة غليظة القضبان |
قد طالما شارفتها متأملا![](clear.gif) |
في الثائرين على الأسى اليقظان |
فأرى وجوما كالضباب مصورا![](clear.gif) |
ما في قلوب الناس من غليان |
نفس الشعور لدى الجميع وإن همُ![](clear.gif) |
كتموا وكان الموت في إعلاني |
و يدور همس في الجوانح ما الذي![](clear.gif) |
بالثورة الحمقاء قد أغراني ؟ |
أو لم يكن خيرا لنفسي أن أُرى![](clear.gif) |
مثل الجميع أسير في إذعان ؟ |
ما ضرني لو قد سكت وكلما![](clear.gif) |
غلب الأسى بالغتُ في الكتمان |
هذا دمي سيسيل يجري مطفئا![](clear.gif) |
ما ثار في جنْبَىَّّ من نيران |
وفؤادي المَوَّار في نبضاته![](clear.gif) |
سيكف في غده عن الخفقان |
والظلم باق لن يحطم قيده![](clear.gif) |
موتي ولن يودي به قرباني |
ويسير ركب البغي ليس يضيره![](clear.gif) |
شاة إذا اجتثت من القطعان |
هذا حديث النفس حين تشق عن![](clear.gif) |
بشريتي وتمور بعد ثوان |
وتقول لي إن الحياة لغايةٍ![](clear.gif) |
أسمى من التصفيق للطغيان |
أنفاسك الحَرَّى وإن هى أُخمدت![](clear.gif) |
ستظل تغمر أُفقهم بدخان |
وقروح جسمك وهو تحت سياطهم![](clear.gif) |
قسمات صبح يتقيه الجاني |
دمع السجين هناك في أغلاله![](clear.gif) |
ودم الشهيد هنا سيلتقيان |
حتى إذا ما أفعمت بهما الربا![](clear.gif) |
لم يبق غير تمرد الفيضان |
ومن العواصف ما يكون هبوبها![](clear.gif) |
بعد الهدوء وراحة الربانِ |
إن احتدام النار في جوف الثرى![](clear.gif) |
أمر يثير حفيظة البركان |
وتتابع القطرات ينزل بعده![](clear.gif) |
سيل يليه تدفق الطوفان |
فيموج يقتلع الطغاة مزمجرا![](clear.gif) |
أقوى من الجبروت والسلطان |
أنا لست أدرى هل ستُذْكَر قصتي![](clear.gif) |
أم سوف يعروها دجى النسيان ؟ |
أو أنني سأكون في تاريخنا![](clear.gif) |
متآمرا أم هادم الأوثان ؟ |
كل الذي أدريه أن تجرعي![](clear.gif) |
كأس المذلة ليس في إمكاني |
لو لم أكن في ثورتي متطلبا![](clear.gif) |
غير الضياء لأمتي لكفاني |
أهوى الحياة كريمة لا قيد لا![](clear.gif) |
إرهاب لا استخفاف بالإنسان |
فإذا سقطتُ سقطتُ أحمل عزتي![](clear.gif) |
يغلى دم الأحرار في شرياني |
أبتاه إن طلع الصباح على الدنى![](clear.gif) |
وأضاء نور الشمس كل مكان |
واستقبل العصفور بين غصونه![](clear.gif) |
يوما جديدا مشرق الألوان |
وسمعتَ أنغام التفاؤل ثرة![](clear.gif) |
تجري على فم بائع الألبان |
وأتى يدق- كما تعود- بابنا![](clear.gif) |
سيدق باب السجن جلادان |
وأكون بعد هنيهة متأرجحا![](clear.gif) |
في الحبل مشدودا إلى العيدان |
لِيَكُنْ عزاؤك أن هذا الحبل ما![](clear.gif) |
صنعته في هذي الربوع يدان |
نسجوه في بلد يشع حضارة![](clear.gif) |
و تضاء منه مشاعل العرفان |
أو هكذا زعموا وجيء به إلى![](clear.gif) |
بلدي الجريح على يد الأعوان |
أنا لا أريدك أن تعيش محطما![](clear.gif) |
في زحمة الآلام والأشجان |
إن ابنك المصفود في أغلاله![](clear.gif) |
قد سيق نحو الموت غير مدان |
فاذكر حكايات بأيام الصبا![](clear.gif) |
قد قلتها لي عن هوى الأوطان |
وإذا سمعت نشيج أمي في الدجى![](clear.gif) |
تبكى شبابا ضاع في الريعان |
وتُكَتِّم الحسرات في أعماقها![](clear.gif) |
ألما تواريه عن الجيران |
فاطلب إليها الصفح عني إنني![](clear.gif) |
لا أبتغي منها سوى الغفران |
مازال في سمعي رنين حديثها![](clear.gif) |
ومقالها في رحمة وحنان |
أَبُنَيَّ : إني قد غدوت عليلة![](clear.gif) |
لم يبق لي جَلَد على الأحزان |
فأذق فؤادي فرحة بالبحث عن![](clear.gif) |
بنت الحلال ودعك من عصياني |
كانت لها أمنية ريانة![](clear.gif) |
يا حسن أمال لها وأمان |
غزلت خيوط السعد مخضلا ولم![](clear.gif) |
يكن انتقاض الغزل في الحسبان |
والآن لا أدرى بأي جوانح![](clear.gif) |
ستبيت بعدى أم بأي جنان |
هذا الذي سطرته لك يا أبي![](clear.gif) |
بعض الذي يجرى بفكر عان |
لكن إذا انتصر الضياء ومُزِّقَتْ![](clear.gif) |
بيد الجموع شريعة القرصان |
فلسوف يذكرني ويُكبر همتي![](clear.gif) |
من كان فى بلدي حليف هوان |
وإلى لقاء تحت ظل عدالة![](clear.gif) |
قدسية الأحكام والميزان |