|
أودعُكم صحبي بلهفي وعبرتي |
وأرسلُ أشواقي بحزن ٍ وزفرةِ |
أودع ُ من كانوا إذا جنَّ ليلهم |
أجاذبهم أطراف همي وفرحتي |
أسامرهم حيناً على خير غايةٍ |
لها يطربُ الأتقى وحيناً بغدوة ِ |
وداعاً أيا صحبي ويا خير معشرٍ |
وداعاً لأفكاري وداعاً لصفحتي |
فلي نفسُ أفطمها لدى كل زلة ٍ |
وإن لاح لي نهجٌ من الخير تاقتِ |
أنزه أطرافي وطرفي عن الذي |
إذا مَسَّ أعلاماً من العزِّ ذلتِ |
ولستُ بمن يُزري به العشق دهرهُ |
فمن غادة يدمى وينكى بغادةِ |
ولو رمتُ أشعارَ المحبين صغتها |
وجئتُ بما يغري أخا كلِّ عفةِ |
وأوقعتُ ذا اللبِّ في الحبِّ جاهلاً |
وغادرتهُ صَباً كمفتونِ عزةِ |
ولو رمتُ أشعار الهوى صغت عذبها |
وخلفتُ مجنوناً على كلِّ صفحةِ |
ولو كنت هجاءً لنكست شامخاً |
وأفسدتُ في الأنفِ رأيَ الحطيئةِ |
ولو كنت مداحاً لبدلت صورةً |
لوجه المعيديِ حسناً كتحفةِ |
ولكنني أسلمتُ للهِ مهجتي |
فسلمَّ لي ربي لساني ومقلتي |
وما كنتُ ثرثاراً لدى كل محفل ٍ |
ولا تنطوي نفسي على كلِّ علةِ |
خذوا فيض آهاتي وشعري هديةً |
وأهدوا لي الصفحَ عن كلِّ هفوةِ |
أودعكم صحبي إلى غير رجعةٍ |
فلا تبخلوا عني بدعمٍ ودعوةِ |
ولا تسألوا ماذا ولا كيفَ ما جَرى |
ولا من ْ ومما ولا مَنِ التي |
وذو الطبعِ ذواقٌ لما لذَّ طعمهُ |
وذو السقمِ موقوفٌ على كلِّ غُصةِ |
يضيفونني للجهلِ زوراً وتارةً |
بأنْ كنتُ لا أرضى الخَنَا للتزمُّتِ |
فيا ليتني ما كنتُ إن كنتُ جاهلاً |
ويا ليتها كانت إذا كان موتتي |
وكم عابٍ قولاً صحيحاً وربما |
من الفهمِ آفتهُ ومن كلِّ خفةِ |
وكم منتدىً أضحى علي غيرِ منهجٍ |
بهِ ألفُ ذئبٍ طليقٍ ونعجةِ |
ومائلةٍ أوفتْ على شفِّ حفرةٍ |
أمالتْ بغنجٍ ودلٍّ فمالتِ |
فلا تستروا قبحاً بوصفٍ ملفقٍ |
فقد تكشـفُ الألقابُ عن كلِّ سوءةِ |
وكمْ حُلّةٍ شـفـَّتْ من السوءِ مثلما |
رجوتَ بأن يـُخـفى على كلِّ مقلةِ |
نثرتُ لكم نصحي على خيرِ منهجٍ |
وآثرتُ أعلاها على كلِّ ذلةِ |
أردتُ بأن أحيا نصوحاً لأخوتي |
ولا آلوَ الجهدَ والحقُ ملتي |
أتيتُ إلى صحبي وشوقي يزفني |
وغادرتهم والشوكُ يُدمي حشاشتي |
أتيتُ وفي نفسي من الأنسِ مثلما |
أودعكم حزناً فيا موتَ فرحتي |
رجوتُ بأن أحيا سعيداً حياتكم |
فمتُ ولم أبعثْ بها ألفَ موتةِ |
خذوا كل أفكاري وآمالَ حالم ٍ |
من الدرِّ منثوراً وكلِّ القصيدةِ |
وإن كان من حقٍ عليكم لمسلم ٍ |
فإنفاذُكم صحبي لهذي الوصيةِ |
بأن تحملوا نعشي على خير محمل ٍ |
وأن تدفنوا قبلي ذنوبي وزلتي |
وأن تقبلوا مني بنفسي عزاءَكم |
إلى كلِّ إخواني وكلِّ الأحبةِ |
وحسبي يشاركني بنعشي أحبتي |
ومِنْ كلِّ بَرّ ٍ تقيّ ٍ و بَرة |