تعبت ضمائرنا ، وتصدعت أنفسنا ، جحيمٌ يستعر في الاحشاء كلما طالعتنا صحف أو قنوات بها السم الزعاف ، رحمة الله عليك يا عبدالناصر يا آخر الرجال المحترمين ، بك -بعد الله - استجارت كرامتنا فكنت لها الثائر المحتسب ، ولكن :
"قتلناك يا آخر الانبياء
وآخر قنديل زيت
يضيئ لنا في ليالي الشتاء "
إخوتي أخواتي ..
هناك من يفتي بأن الحاكم يجوز له ألا يعلن الحرب أو يفتح باب الجهاد متى رأى أن العدوّ في صف الغلبة وأن الخطر سيكون أكثر إحداقاً بالامة في حال الحرب منه في حال السلم .
ولكن أسئلة كثيرة يفرزها هذا الطرح :
1) إذا كان الامر كذلك فبماذا نفسر الاستجابة المطلقة لتعليمات الادارة الامريكية ومنها الرقابة على تحويلات المصارف ، جمع التبرعات ، وحتى الدعاء في المساجد ؟ وأخيراً الرقابة على مصلحة الزكاة والدخل . هل أخَذَ هؤلاء الحكام عهداً على أنفسهم بأن يكونوا مخلصين لبوش وإدارته في السر والعلن ؟ أليس باستطاعتهم شق عصا الطاعة ولو مرة واحدة ؟ .
2) لكي يؤكد حكامنا الولاء لامريكا ( وَمَنْ يَتَوَلهُمْ مِنْكُمْ فَإنّهُ مِنْهُمْ ) فقد لجأوا إلى اعتقال أبناء شعوبهم ليقدموهم كبش فداء ، وقرابين لما يحقق لهم الدخول في منظمة التجارة العالمية ، ولم ينظروا إلى تركيا التي جعلت يوم الجمعة يوم عمل رسمي ، ويوم الاحد هو يوم إجازة الاسبوع ، وجعلت اللغة التركية هي الرسمية بدلا من لغة القرآن ، وغيرت مناهجها الدراسية بحيث ألغت التربية الدينية ، كل ذلك في محاولة لارضاء الكونجرس الذي نعلم جميعنا إن غالبيته من الحركة الصهيونية العالمية ، وقبل أن يقرأوا رضى أمريكا جاءهم الرد على لسان الامين جبريل عليه السلام (وَلنْ تَرْضَ عَنكَ اليَهُودُ وَلا النّصَارى حَتى تَتّبِعَ مِلّتَهُمْ ) .
3) في حالة كهذه ، والحاكمُ قد عصى ربه خشية القوة الامريكية التي تضرب عرض الحائط بقرارات الامم المتحدة حتى أثارت بهذا الرعب في النفوس تباركها أوروبا كنوع من التغاضي في اتجاه محو عقيدة الاسلام من الوجود ، أقول في وضع كهذا ألا يجوز الخروج عن طاعة الحاكم أسوة بقول أبي بكر ( أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم ) ذلك لانه كان ينطلق من روح العقيدة وليس سعياً إلى كرسي الحكم . وبالقياس فإن طاعة الحاكم لله تعالى تغيبت عند سكوته حيال اغتصاب شرف الامة ، وسكوته ذاك علامة الرضى .
ولكن أليس هذا السكوت ليس وليد اليوم ، فما دامت الامور قد وصلت إلى هذا الحد من التكشف وأصبحت صحف أوروبا تطالب بوضع حداً لهذه الانتهاكات عوضاً عن الصحف العربية المصادرة فلماذا لا نشير إلى أن هذه الحقيقة ليست بنت اليوم فقد قال نزار قباني في أعماله السياسية المحضورة ، يصف حكام العرب وموقفهم من قضية فلسطين :
وجمعتم كل زُناة الكون لغرفتها
ووقفتم خلف جدار الباب
تسترقون السمع لفض بكارتها
أولاد القحـ...
لا أستثني منكم أحدا
تحياتـــي
الطائر