|
أُختاهُ غِبتِ ، فليلنا ليلانِ |
و نهارنا سِفْرٌ بلا عنوانِ |
و الروضُ خاصمهُ الجمالُ ، كأنهُ |
أضحى لنا رسماً بلا ألوانِ |
يا لحظةَ الصدقِ التي أسْعَدْتِنَا |
ببديعِ حرفٍ ساحرٍ فتّانِ |
رَحَلَتْ قوافلُ عمرنا عبر المدى |
و استعذبتْ بحراً بلا شطآنِ |
رَحَلَتْ ، فلا قمرٌ يؤانسُ ليلها |
في غربة الأوطان و الأزمانِ |
رَحَلَتْ فلا عادَ الشراعُ لأرضِهِ |
يوماً ، و لا شُلَّتْ يدُ الربّانِ |
أين الصديقُ هناكَ ، هل صادفتِهِ |
في وجه "برلينَ" العبوسِ الجاني |
أين الأخوَّةُ و المحبةُ حينما |
فتّشتِ عنها في ربا الألمانِ |
و الجارُ ، أين حقوقهُ ، هل صانها |
بشرٌ ، كَنَصِّ المنهجِ القرآني |
في مثل حُسنِكِ ما رأيتُ , و ما رنا |
قلبي لغيرك يا ابنة الأوطانِ |
أنتِ الجمالُ الصِرفُ فاح أريجُهُ |
لتغارَ منهُ حدائقُ الريْحانِ |
و لقد سألتكِ و السكونُ يلفنا |
و الصمتُ معقودٌ بطرْفِ لساني |
كيف الرحيل إلى بلادٍ ما بها |
غيرُ الجمودِ و هيئةُ الإنسانِ |
لا روح في جنباتها رغم الضيا |
تلقينَهُ بضّاً بكلِّ مكانِ |
هل مثلُ ماء النيلِ ماءٌ ذُقتِهِ |
هل مثل هذا الكوثرِ الربّاني ؟ |
و الشمسُ ، هل أدركتِ شمساً كالتي |
سَطَعَتْ بمصرَ كأنّها شمسانِ |
و البدرُ، هل سامرتِ بدراً مثلما |
سامرتِهِ في ليلنا النوراني |
فبكيتِ من هولِ السؤالِ بأدمعٍ |
تجري على الخدين كالطوفانِ |
يا شاعري : يكفيك ذبحاً ، هكذا |
قد قلتِ لي ، دعني هناك أُعاني |
ما كنتُ أهجرُ موطني بإرادتي |
إلا لظرفٍ قاهرٍ أعياني |
أمي هناك مريضةٌ ، و فديتها |
بالبعد عن وطني و عن خِلاّني |
فادعُ الإلهَ لها شفاءاً عاجلاً |
و بُعيدها سأعودُ للاوطانِ |