|
قمرٌ يطلُّ على الروابي والذُّرا |
فالْكَونُ منْ أَضْوائِهِ قَدْ أَزْهَرا |
أعوادُ أشجارٍ الصنوبرٍ تزدهي |
وشقائقُ النُّعمان همَّ تَبَخْتُرا |
ومدائنٌ رفلتْ فبانَ بريقُها |
كسلاسلٍ دريَّةٍ فوق الثُّرى |
بَخْرُ الضِّيا كَالْمَاسِ رَقَّ شُعاعُه |
و الكونُ ذَاقَ مِنَ الجمالِ الْكَوْثَرا |
ومواسمُ التَّحنَان بحرٌ هانِئٌ |
مالَ الحبيبُ على الحبيبِ مُسَيْطرا |
نامتْ عيونُ الخلْقِ طيَّ عنائِهم |
وكتابُهم يمحو بهِنَّ الأسْطُرا |
وأنا انا في شرفةٍ مهْجُورَةٍ |
متطلِّعٌ خلف السُّكون لكي أرى |
مُتَقَوْقعٌ خلف المنى مُتَشَبِّثٌ |
وأرى مخاضَ جنينِها مُتَعَسِّرا |
كلٌّ تلالى في ضيا محبوبِه |
وظلامُ نفسي عمَّنِي كي أُقْهَرا |
كلٌّ تماهى بيْنَ جِفنِ نواعسٍ |
وأنا جُفوني أقسَمتْ لا تُسْكَرا |
ودموعي تجْري تستهيضُ جوانِحي |
مِنْ فكرةٍ تأْبى عليَّ تَطَهُّرا |
فرتقتُ صبْري بَحْرَ دَمْعي علَّه |
يُجْلي الْغَشاوةَ بالْيقينِ لأُبْصِرا |
لَمْ يكْفِ بَحْري صِلْتُه سَبْعاً به |
إِثْراً فَمَاجَتْ فِكْرَتِي يا أَبْحُرا |
يا أيُّها الْكون المُزَانُ بوحْشَتي |
لِمَ لا أَرى بدْري كما كلُّ يرى |
يا أيُّها الْكونُ المُصَابُ بفطرةٍ |
ناموسُكَ الْمقْلوبُ ربِّي ما برا |
يا أيُّها الْبدرُ البَهِيَّ المُنْتَشي |
نُورُ الشُّعاعِ يَمُجُّ حُسْناً أَنْوَرا |
بَدْري سَطعتَ على الوجودِ فدُلَّني |
نورَ السبيلِ فلا تَرُدَّ مُحَيَّرا |
سُؤْلي بسيطٌ والْكلامُ لدى فَمي |
مُتَرَقِبٌ مُتَوجِّسٌ أنْ يظهرا |
بعضُ الحُروفِ وجملةٌ مكرورةٌ |
هلْ من جوابٍ للسُّؤالِ أيا تُرى |
بعضُ الْحروفِ فلا تدعْني غائما |
أو هائما لا تزْدَري حادي السُّرى |
جلُّ الخلائقِ في انْسجامٍ مدهشٍ |
أوطانيَ الْبركانُ يُخفي الأَخْطرا |
جلُّ الأنامِ على الوفاقِ تجمَّعوا |
أمَّا بلادي لا تطيقُ أوَاصِرا |
يا أيُّها الدُّرِّيُّ لا تسْخرْ ولا |
تَهْزأْ بلثْغي لا أَراه مُعَبِّرا |
لِمَ كلُّ ذاكَ الْحقدُ يحْصُدَ أمَّتي |
لِمَ كلُّ ذاكَ الشَّرُّ يدْهَمُها فِرى |
أيْنَ الْحقوقَ وما يُردِّدُ ناعقٌ |
فإذا سطَانا مُزِّقَتْ كلَّ الْعُرى |
والْمَجلسُ الْمَهْزومُ قامَ قِيامةً |
فوقَ الضَّعيفِ مهدِّداً ومُزَمْجِرا |
والأمنُ فيهمْ سحرُ أطْيافِ الْمُنى |
ما رَدَّ يَوْماً يا ظَّلوماً جائِرا |
ذي قِسمةٌ ضِيزى وطَلْحُ هواهمو |
قانونُ غابٍ بالْمَزاعِمِ يُفْتَرى |
هلْ عدلُهم يَمْحُو حْروباً لا تَذَرْ |
غيْرَ الضّنى والْبُؤْسَ موتاً أحْمَرا |
أمْ عدْلُهُمْ نيرانُ حرْبٍ أَشْعِلَتْ |
دُنْيا فَتَلْعَنَ ذا الحقودَ الأَوْتَرا |
تِي أُمَّتي قَدْ فَتَّتَتها مذلَّةٌ |
وصَغَارُها يا بدرَ قَدْ عمَّ الْوَرى |
لا تَنْتوي إِرْجاعَ مجدٍ ضائعٍ |
وعزائمُ الإخلاصِ تُشْرى تُزدَرى |
الْخَيْرُ فيها للْعدوِّ ومَنْ يَلِي |
رأْيَ الظَّلُومِ تراهُ فيها الأَظْهَرا |
والْمُخْلِصونَ بِها غريبٌ نَهْجُهُم |
نُصْحُ الشَّفيقِ على العبادِ مُؤَخَّرا |
يا بَدْرَ ما للكونِ داخلَ مُقْْلتي |
كِثَفٌ بقلبي أَقْسَمتْ لا تَهْجُرا |
فمتى الْخَلاصُ متى فوارسُ نهْجِنا |
يأْتُونَ من دَفْقِ الْهُدى كَيْ نَعْبُرا |
في حينِها أُسْبى بِسِحْر بهاءِكم |
ومَعارِجُ التَّسْبيحِ تَغْزو السَّاهِرا |
و ندى الجلالِ مع الْجمالِ يهُزُّني |
في حيْنِها يُمْسِي فؤادي الْأزْهرا |
يا بدرَ قدْ أفصحتُ نورَ مشاعري |
فارْحلْ أمانَ اللهِ يا بدْرَ السُّرى |