وطني الجريح
جريح أنت يا وطني تكابد حُرقة الألم وتشكو الله في غصص نكوص الرأي والهمم طُعنتَ بمارقٍ غدرا بليل سابغ السخم بكف حاسد باغٍ وصدر حاقد أثم بأفَّاق وخوَّان ومرتزق ومقتسم أباحوا كل محصَنَة ومُرضِعة ومنفطم وبسمة طفلة خطفت من الأحضان بالحِمَم وطلاب بمدرسة ومن يسعى على اللُّقَم وساجدة بمَخدعها وشيخ عابد هَرِم فكم هتكوا بلا خجل وكم فتكوا بلا ندم وصارت حرمة الأقدا سِ تحت مواطئ القدم فلا حجر ولا شجر ولا بشر بمحتَرَم شعار الغاب منهجهم وقد عاشوا على الرِّمَم وفي التاريخ أمثال تُرى للعاقل الفَهِم ضباع البر إن تركت للاكت أعظُم الغَنَم وما ظَفِرت نسور الجوّ إن حامت بمُعتَزِم جريح أنت يا وطني وجُرحك غائر ودَمِي فسل حرس التراب فهل بورد العاشقين رُمي أم النكبات أوهام تراءت ساعة الحُلُم لقد قالوا وما فعلوا برُوحٍ نفتدي ودم وهل في المَيْت من رُوح وهل يَفدي دم السَّقِم فما فُجعوا لثاكلة وما فَزَعوا ذوي الرَّحِم وما هبّوا لمغتصِب ولا وقفوا لمغتنِم ولا لكرامة ثأروا ولا ذادوا عن الحُرُم عن الويلات عُميان عن الصرخات في صَمَم فلا حِس بواقعة ولا وعي بمُضطرَم كأن العيش أذهلهم فما نَشَطوا من التُخَم كأن الليل أسكرهم فهاموا في دُجى الظُلَم كأن الوهن أخرسهم فما نطقوا ببنت فم وصار الرأي عندهم إلى التسليم والسَّلَم طريق هوانهم سلكوا فسيقوا فيه كالنَّعَم وفي شره لقصعتهم تداعت سِفلة الأمم فأين اليوم هارون ومن يأتي بمعتصم ومن ينبي صلاح الديـ ـن عن بوابة الحَرَم حبيب أنت يا وطني بنبض القلب والنَّسَم وحبك لم يزل أبدا يخالط أضلعي ودمي وفضلك يغمر الأجيا ل بالخيرات والكرم كما بردى يروِّي الشا م فياضا من القِدَم ومجدك ساطع دوما فلم يخبُ وينعدم حباك الله تزكية كنوز الوحي والحِكَم فصيغت في بواتقها سبائك خِيرة الأمم تُزيح الناس عن درك من الظلمات والنِقَم تدافع كل غائلة وقبل السيف بالقلم وتجلو كل غائمة بنور العادل الحَكَم رجال لقّنوا الدنيا دروس الحق والشِّيَم أطاعوا الله واعتصموا بحبل غير منفصِم بلغت بهم إلى العليا ءِ شأوا قطّ لم يُرَم كواكب ضوؤهم يهدي سُراة الليل كالعَلَم فمن شمس الهدى نهلوا ومن والاه لم يُضَم هم الرهبان إن قاموا لذكر الله في الغسم وفرسان إذا اقتحموا كسيل جارف عَرِم وزُهّاد بفانية زهت للغافل النَّهِم ورُحَّام بذي ضعف وبالأيتام والخدم إذا افتتن الورى كانوا على ركن ومُلتزَم نبي الله أسوتهم أمين صادق الكَلِم بشير راحم سمح جواد واصل الرَّحِم بخير قراك مَنبته ومَبعَثه إلى النَّسَم وقدسك كان موعدها بمسراه إلى السُّدُم وكل بلادك ائتلقت ببدر مسفِر تَمَم أثير أنت يا وطني بفضل الله والنِّعَم فلا تحزن لما صنعت أيادي الغدر والوَغَم ولا تحفل بخوّار ولا تعبأ بمنهزم فبحرك لا تكدّره فضول الخُبث والوخَم ولا تجزع لنائبة ولا تركع ولا تَجِم فكم من أزمة خطرت عَفَت وبقِيتَ في شَمَم أما نجّاك رَبُّ البيـ ـت من إلحاد ذي الشَّرَم وعُربك يوم ذي قار قد انتصفوا من العَجَم فما هانوا ولا خضعوا وفيهم نخوة القُدُم وجند الروم قد حطبت لدى اليرموك بالكُوَم وجندك يوم جالوت أبانوا شدة الشُكُم أطاحوا بالتتار ومن أباح حِماك ينحطم وبر الناصر المنصو رُ في حطين بالقسم وأوفى إذ تملَّكهم لأهل الغدر بالذمم وما هزموه إذ ألقَوا بخُشبان إلى الضَّرَم فسيف الحق منبره قد استعصى على الثَّلَم ونجم جاوز الجوزا ءَ كيف يطال بالرَّضَم وقد لاحت خيوط الفجـ ـر تصدع حالك الظُّلَم بفتيان بك انتفضوا من الأغلال والوَهَم رضا الرحمن يجمعهم على قلب وملتأم أباة النفس ما ناموا بليل الذل والرَّغَم أسود في مرابضهم حماة الدِّين والعَلَم وبذل الرُوح صنعتهم فداء الحق والقِيَم ورُبَّ براعم نبتت من الأنقاض والهَدَم فكيف بتربة سُقِيَت دم الشهداء في الأَدَم وإن الله ناصرهم ومظهرهم على الأمم فبشراك الغد الآتي بنصر خُطَّ بالقلم على لوح وقد جفت صحائفه من القِدَم فقم وارقِئ جراح الأمـ ـس وامسح كُربة الألم وأعدد للوغى بأسا رباط الخيل واللُّجُم عزيز أنت يا وطني مكانك في ذُرا القِمَم ================
مازن لبابيدي