أن تقفز من ليلِ الكابوس
إلى المنفى
في كلِّ صباحْ
أبوابُ البيتِ معلّقةٌ
ما بينَ الشارعِ والمفتاحْ
اخرجْ..
في الشارع أجسادٌ
أحذيةٌ تمشي..
بيّاعونَ..
زعيقُ الساسة ...
شحّاذون..
امرأةٌ دلقتْ في فمها
خابية العطرِ..
وعطّارونْ.
ضاع المصباحْ
والرجلُ الواقفُ خلفَ الظلِّ
يسجـّلُ نظرتك الملحاحْ
يختلطُ الصوتْ
- هُنا وَطَنٌ..
- سحقاً أمريكا
- يا تفّاحْ..
- يا الفولُ الأخضرُ..يا ليمونْ
- اقرأ في صفحةِ هذا اليومْ
- الشرْطة تُوقعُ بالسفّاحْ.
- درّاجٌ يدهسُ أغنيةً ً
عرسٌ..
وثيابُ للأفراحْ.
يختلطُ الصوتْ.
حشدٌ في الشارع محمولاً
في رَكبِ الموتْ
فاطمةُ انتحبتْ في خجلٍ
خلف التابوتْ.
- عاشت أمريكا..
- انتخبوا نصيرَ الدجالينْ
- يا امرأتي ما بالُ الأولاد؟
من عشر سنينٍ
قبلَ العيد..
شرينا لهمْ ثوبَ الأعيادْ
- يا امرأتي..
الشهرُ وراء البابْ
والراتبُ مِلكُ البقالينَ
وملكُ المالك والبوّاب .ْ
يختلطًُ ُ الصوتُ:
- غداً إضرابْ
- سنزيدُ أجورَ المحتاجينْ
قال المذياعْ.
- سنغادرُ صبحاً لفلسطينْ
قال المذياعْ..
- سبحانك يا ربي الوهّابْ
- سقط الإضرابْ.
- انتخبوا الموعودَ اللمّاحْ
- للبالغ من فوق الستين
قمحاً وطحينْ..
للقاصرِِ بيتاً في المريخْ
قمراً للشابْ
- انتخبوا الموعودَ اللمّاحْ
تمشي في خجلٍ..
كالأشباحْ.
وتزورُ المقهى..
كي ترتاحْ.
***
في المقهى شعراءٌ أصنافْ
هذا منتسبٌ للتعقيد..
وذاكَ إلى النمط ِ الشفّافْ.
وتلكَ إلى الشِّعر ِ المنثورِ
وتلكَ إلى وزن ِالعرّافْ.
شعراءٌ كُثُرٌ نمّامونْ
في عمق ِ العصرِ..
ورجعيونْ.
فصَحاءٌ حيناً .. شعبيونْ.
في الشعر ليوثٌ مقدامون ْ.
في الشارعِ صيصانٌ وخرافْ.
في المقهى..
كم تلمحُ شبهاً
ما بينَ الشاعرِ والصرّافْ.
***
وتعودُ من المنفى ليلاً..
والوقتُ نهارْ.
أوراقك بيضٌ ناطرةٌ
في صحن ِ الدارْ.
خُذ قلماً..
واكتبْ للتاريخ القادمِ
عن مجدِ السمسارْ.
اكتبْ:
- العالمُ فردوسٌ فلْتُطفا النارْ..
والحبّ ملاكٌ بين الناس..
العدلُ.. الأخلاقُ.. الأشعارْ...
لا الفقرُ يعشّشُ في الحارات
لا الجوعُ .. القهرُ.. الذلُّ.. العارْ
اكتبْ:
الناسُ سواسيةٌ
عند الحكّامْ
والأمنُ عيونٌ ساهرةٌ
والشرُّ ينامْ.
أكتبْ:
والأفقُ كما البلور..
الأرضُ رخامْ
اكتبْ..
كي تبقى يا مسخاً
في هذي الأرضْ
اكتبْ..
كي تحفظ لقمتك السودا
والعرضْ
واكذبْ..
لو أنّ غراباً مَرْ...
قل هذا حمامْ.
الصدقُ يقودك
إن جرّبتَ
إلى الإعدامْ
***
في الغرفةِ
وحدك منبوذٌ
والكلُّ حضورْ
المُخبرُ في كتب التاريخِ
وفوق قوانين الدستورْ.
العسكرُ
في محبرةِ البوحِ
الشيخُ على فمك الناطورْ.
والحاكمُ فوق رقاب الكلِّ
الكاهنُ في يده الساطورْ.
اكتبْ
لا تفزع من أحد ٍ
كُنْ شاهدَ زُورْ.
***
إن تقفر..
من ليلِ الكابوس إلى المنفى
في كلِّ صباحْ.
دعْ رأسك يرقدُ
في الشرفة ْ
حتى ترتاحْ.
في بيتك مقهورٌ أبداً.
فاطوِ ِ المستورْ.
لا تُفشِ ِ السرّ إلى أحدٍ
نمْ بين قبورْ.
الشعرُ هباءٌ ..
طلّقهُ الشعرَ المقهورْ.
لا شعر اليومَ بعالمنا
لا أهل شعورْ. .
العتمة ُ صارتْ
حاكمة ً في بلدِ النـُّورْ .