|
إذا شمت برقاً |
إذا لم أكـن بالعشـق أدري فمن يـدري ؟ |
أبِيـتُ نديــم الشّــعر أشــدو بلحنـه |
وأشكو عذاب الوجـد والسّهـد والهجـرِ |
وأرسـل للأحبــاب بــوح مشـاعـري |
لواعـج شـوقٍ ذاب من جمرها صدري |
أحـنّ إلــى دارٍ هنـــاك بعيـــدة |
تضـمّ جمـالاً أيـن منـه سـنا البـدرِ |
أحـنّ إلـى روض الصّــبا ومرابــعٍ |
تنفَّـس فيـها عاطـرُ الـوردِ والزّهْـرِ |
أحــنّ إلـى طـيرٍ علـى الـدّوحِ منشـدٍ |
يغـازل بالأنغــام إطلالــة الفجــرِ |
فـإن تكـن الأيّـام غالـت صــفاءناـ |
وأُوصد باب الوصـل عن حبّنا العـذري |
فمـازال فـي الأعمـاق عهـد مـودّ |
وصـادق حـبٍّ لا يـزول مـدى الدّهـر |
إذا شمتُ برقاً شـعَّ في الـرّوح طيفهـم |
فسابق دمعي ـ إذ همى ـ واكفَ القطـرِ |
تضلَّعـت وجـداً وانسحقـت صـبابـة |
وذبـت حنينـاً والشجـا فـيَّ يستشـري |
على الرّغم منـي أيّها البعـد سُـقْتَني |
بعيـداً بعيـداً ثـمّ أمعنـتَ فـي قهـري |
فلـولا صـروف الدّهـر ما كنت نائيـاً |
ولـولا رجائـي ما تصـبّرت في أسـري |
أبوح بآهاتـي إلى الطّـرس أحـرفـاً |
فتنسـاب أبيـاتـاً يسـلسلهـا حبـري |
وأحسـب هـذا البـوح يبـرئ علّتـي |
ويطفـئ ما في الرّوح من وقـدة الجمـرِ |
ولكـنّ حالـي لـم تـزل حـال مُبحـر |
يتـوق إلى المينـاء في مركـب الشّـعرِ |
تـراه إذا مـا جـاوز البحـر حـالمـا |
بعَـوْدٍ إلـى الأحبـاب أفضـى إلى بحـرِ |
ضيــاعٌ مقيــمٌ وانتظــارٌ مؤبّــدٌ |
وريـحٌ عقيـمٌ لا تـرومُ سـوى الضُّـرِّ |
رحيـلٌ بلا مرسى وصـوتٌ بلا صـدى |
وعيـشٌ بلا جـدوى ومـوتٌ بلا قبـرِ |