بسم الله الرحمن الرحيم
على ضفاف تلك البحيرة تجلس .. و السكون من حولك يلفك بعباءة الدفء .. فيتسرب رويدا رويدا داخل خلجات روحك .. فتسكن و تطمئن ..
تصغي لتسبيح الطبيعة من حولك .. و هي تهمس في أذنيك .. سبحان الله و بحمده .. سبحان ربي العظيم ..
تنظر إلى صفحة الماء .. فترى وجها طالما رأيته .. تعرفه بل يعرفك .. و يعرف كل دواخل نفسك .. وتلمح بريقا على أسيله .. سرعان ما يهوي .. ليمحو صورتك .. و تغدو .. دوائر تلاحق دوائر ..
تصفو صفحة الماء .. وتبصر رفيقك مرة أخرى ..
أيها الرفيق .. ما بال أحزانك لا تنتهي .. لم آلامك رعفة الجراح .. و أنينك متواصل النشيج ..
ألستَ أنا ؟؟
حديثني .. و ألق بما في صدرك في أعماق ذاتي .. لا تخف فأعماقي بعيدة المنال .. و مستودعي ماء يذيب كل الأسرار ..
يا صورتي و مرآتي .. مهلا .. فحزني طوفان يغرق مسكنك .. و ألمي سيل يجرف دارك .. و أوجاعي أنهار .. تذوب فيها بحيرتك ..
أتؤمنين بمقلب القلوب .. و سالخ النهار من الليل .. و سالخ الليل من النهار ..
أتسلمين برافع السموات بلا عمد .. و مثبت الأرض بلا وتد ..
سبحانه ..
كيف تغدو نفوس الناس و تروح بين صباحها و مسائها .. فلا تستقر .. هناك تزرع زهرة .. و هنا تغرس شوكة ..
أيحمل قلب بشر .. الحب .. و بين عشية و ضحاها يقتله .. و قبل أن يدفنه .. يشتري الضغينة ليسكنها فؤاده !!
أتجعل النفس كل صور الجمال و الفضيلة .. لحظة ضياعها .. حائطا تصبغه أيدي العابثين بشتى الأصباغ .. و أقبح الخطوط !!
أيعقل أن تتحول كل لحظات الوداد إلى سهام و نبال .. يقذفك بها قلب طالما أسهرته أوجاعك .. و أبكته آهاتك !!
أترى عين الجمال مجسدا في الأرواح .. ثم تراه مسخا متمثلا في السطور !!
أي نفس .. تلك النفس التي تشتري الود بكل ثمين .. لتبيعه غدا بلا ثمن !!
إن الزهرة لو جفت .. و ماتت .. تركت رائحة زكية .. بين وريقاتها ..
إن الشمس لو رحلت .. و غابت .. رسمت أبدع صورة .. على جلدة السماء ..
إن الود لو توقف .. و انتهى .. جعل الهجر جميلا .. لا أذى بعده ..
أيتها القلوب .. أي دم يتدفق فيك .. دم .. خلقه الرحمن الرحيم .. أم دم .. نقيع حنظل .. لا يعرف إلا المرار !!
صورتي .. غادريني .. فكل آلامي .. و أوجاعي .. لن تغسلها مياه بحيرتك ..
و يقذف إلى وجه البحيرة حجرا .. ليضيع رسمه .. كما ضاع كل الود ..