"عالم بلغ من علمه وتجربته مرحلتها النهائية أو شارف قام لصلاة ليله ليتمم معادلته الحياتية التي اعتمدها لنفسه
شعر بتوعك شديد أخذ يزداد شيئا فشيئا فركن إلي أريكته يتذكر عمرا ضاع في صباه وجزءا من شبابه لم يكن فيها نفس الشخص المتألم الآن بل كان من الإستهتار ما دفع الأب ان يلفظ أنفاسه وهو في شدة الخوف عليه ومستقبله، وصل الطبيب أخبره بعد الفحص بسوء حالته -سرطان غريب يشمل صدره كله حتى قلبه واجهزته كلها في الصدر وأنه خلال شهر أو شهر ونصف سيودع الدنيا ،تفاجئ ولكنه لم يخف على شيئ خوفه على مشروعه والذي قد يفتح أفاق التحرر الآقتصادي والتجاري لبلاده والتي يعشق ترابها وأصبح خدمتها هي أمنية الأماني بالنسبة له، سأل الطبيب:كم يوما بالتقريب سأعيش؟
الطبيب:حوالي خمسة وأربعين يوما أو شهرين على الآكثر بعد مشيئة الله،أخذ يرتب مشروعه لمواده التي ستكون فرجا لأمته- رغم تحذيرات الطبيب بأن المجهود يقرب أجله على حد ظنه-رتب أيام مشروعه وأخذ يجتهد بطاقته القصوى وجد اختراعه يحتاج لحوالي شهرين أو شهرين ونصف،
شرع في كتابة إعلانات بالآقتراض أو الشراء من عمر احدهم أو إحداهن خمسة عشر يوما، كانت كل اللافتات تحمل عبارة (تبرع أو بع خمسة عشر يوما من عمرك بملايين تغنيك وأهلك الدهر).وافقه رجل لاه عابث كان يرى ان موته مثل حياته تماما وعده أن يتم كتابة العقد بينهما أمام الناس وليكن بعد عشرون يوما ،تجمع الناس وأعطاه العالم ثلثا ثروته وأبقى الثلث الآخير لآتمام اختراعه أومشروعه ،جاء الرجل فعلا كما وعد
وكتب العقد واعيد قراءة صيغته وكانت ثروة العالم بالملايين ولكن الرجل كعادته العبثية اخذ يضحك بهستيرية وقال للعالم لقد كنت أضحك عليك ورفض الإمضاء على العقد أحس بدناءة الرجل ولكن في صميم نفسه مع استهزاء الناس لم يفقد الآمل قط أعاد الطلب والنشر وكانت الآعلانات تحمل هذه المرة تخفيضا في المدة وارتفاعا في الآجر(من يقرض أو يبيع يوما واحدا بغناء الدهر له ولإبنائه) وأيضا بعضها يحمل (من ذا يبيعني يومه بمعظم ثروتي).
وأعيد أيضا العرض ،وكانت هذه المرة امرأة رزينة واعية كبيرة في السن قالت في نفسها أبيعه ما يريد ثم لو مت بعد ذلك أترك أبنائي أغنياء واشترطت ثلاثة أرباع ثروته ، لضيق وقته أخذ يعمل المستحيل في الإجتهاد والذي يستنزف عمره ولكنه تمكن فعلا نهاية اليوم الآخير أن يتم اختراعه إلا قليل ، جاءته المرأة أمام أعين الناس كما اتفقت معه سألته عن جهوزيته بالمال ! فأجاب بالآيجاب -إذ كان فقد كل المقدرة على الحركة وانطرح في فراشه ينتظر أمر ربه به- تأمل الناس في هذه العجوز خيرا كثيرا إذ كان يبدو عليها الإتزان والوعي والقبول المطلق،في مشهد درامي وخطى وئيدة نحوه، فجأة تصرخ المرأة وتجري ويجري الناس خلفها ليحضروها وتكرر الموقف أكثر من سبع مرات مع استغاثات الناس بأن تفي له بعهدها وتذكيرها بقيمة الوفاء في الدنيا والآخرة وضخامة الأجر -الثروة- فنظر إليها في سريره ثم قال لها: ماالذي حملك على الهرب؟!
ألا ترين ما أنا فيه ؟!أريد يوما فقط صحيحا لآتمم لكم ما بدأت وما سيخرجنا من مستنقعات كثيرة أولها الفقر والآخلاق وآخرها التبعية لآعداءنا .نظرت له متفحصة وقالت ومن أدراني أيها العالم أعطيكه و قد يكون أخر أيامي وختامها غدا هذا اليوم الذي تريد؟!
فهل أبيعك بقية حياتي؟!!
نظر لها ثم شخص بصره مع استغفاره مع إتمام الشهادتين صعدت روحه لبارئها يندم ضياعا كان في شبابه
وصوت القرآن يطن في أذنيه مودعا (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِيْنَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَاْ تَقْنَطُوا مِنْ رَّحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرََّحِيمُ)"
/
/
/
/
/
دمتم مبدعين