|
أَمْشِي إِلَيْهَا عَلَى سَطْرَيْنِ مِنْ وَرَقِي |
حَرْفِي سِقَاءٌ مَلِيءٌ مِنْ دُجَى طُرُقِي |
وَأُصْبُعي قَدْ ذَوَى فِي صَوْتِهَا قَمَرٌ |
كَمْ نَوَّرَ السَّطْرَ فِي تَرْحَالِيَ الْقَلِقِ |
مَعِي قَمِيصُ نِدَاءٍ خِيطَ مِنْ حُلُمِي |
لَوْ كُنْتُ أَقْدِرُ لَمْ أَنْقُشْهُ بالأَرَقِ |
مَتَى سَيَلْبِسُهُ سَمْعُ الّتِي تَرَكَتْ |
أَطْيَافَهَا الْخُضْرَ عُشْبًا عَاشَ فِي حَدَقِي |
لَيْلَى، يَقُولُونَ: "لَيْلَى فِي الْقُصُورِ، ولا |
تَحِنّ لِلرِّيفِ فِي صُبْحٍ وَلا غَسَقِ |
فَكَيْفَ حَالُكُ يَا لَيْلَى، وَقَدْ نَسِيَتْ |
عَيْنَاكِ طَعْمَ الْقُرَى الْمَتْبُولَ بِالشَّفَقِ؟! |
تَرَكْتِ طِفْلَكِ فِي أَحْشَاءِ قَرْيَتِهِ |
يَغْذُوه حَبْلُ الثَّرَى السُّرِّيُّ بِالْعَرَقِ |
وَطِفْلُ "وَرْدٍ" عَلَى لَحْمِ الْحَرِيرِ، وَمِنْ |
نَهْرِيْكِ فِي فَمِهِ عَطْفُ الْحَلِيبِ نَقِي |
وَحَوْلَهُ لُعَبٌ، مِنْ حَوْلِهَا خَدَمٌ |
مِنْ حَوْلِهِمْ جُدُرٌ مَحْرُوسَةُ الْعَبَقِ |
رَبَّيْتِ طِفْلاً، وَقَدْ شَرَّدْتِ إِخْوَتَهُ |
بَيْنِ السَّطُورِ حُرُوفًا فِيكِ لَمْ تَثِقِ |
أَشْكُوكِ لِلسَّطْرِ يَا لَيْلَى وَفِي مقلي |
بَرِيدُ لَوْمٍ سَعَى فِي بَعْثِهِ قَلَقِي |
أَشْكُوكِ لِلسَّطْرِ؛ لَكِنْ كم لَفَقْتُ لَهُ |
عُذْرًا لِيُطْفِئَ طَعْمَ الْبُعْدِ فِي حُرَقِي |
أَشْكُوكِ لِلسَّطْرِ يَا مَنْ لَوْ سَمِعْتُ لَهَا |
آهًا لَعُذْتُ بِرَبِّ "النَّاسِ" وَ"الْفَلَقِ"!! |
وَكَيْفَ أَشْكُوكِ حَتَّى لَوْ لِعِرْقِ يَدِي |
وَمُشْرَبٌ رَعْشُهُ مِنْ شَوْقِهِ الْغَدِقِ |
وَهَلْ سَيَشْكُو ابْنُ قَيْسٍ أُمَّهُ، وَلَقَدْ |
وَصَّى عَلَيْكِ أَبِي يُسْرَاي أَوْ رَنَقِي |
أَشْكُو لَكِ السَّطْرَ فِي ذِكْرَاكِ عَلَّقَنِي |
وَلَفَّ زُرْقَتَهُ حَبْلاً عَلَى عُنُقِي |
أَشْكُو لَكِ السَّطْرَ يَصْطَادُ السُّؤَالَ عَلَى |
غُصْنٍ مِنْ النَّبْضِ فِي الأَوْجَاعِ مُخْتَفِقِ |
أَشْكُو لَكِ السَّطْرَ إِنْ سَابَقْتُ آخِرَهُ |
إِلَيْكِ يَفْرِدْ كَذَا سَطْرًا سِوَاهُ بَقِي |
مَا زَالَ صَوْتُكِ فِي أَرْحَامِ ذَاكِرَتِي |
أَعْمَى يَغُزُّ عَصًا فِي أَعْيُنِ الطُّرُقِ |
هُزِّي عِشَاشَ خَيَالِي، أَسْقِطِي خَرَسِي |
عَلَى عِيَالٍ مِنَ الآمَالِ فِي وَرَقِي |
مَا عَادَ عِنْدِي صَبَاحٌ كِيْ أُطَعِّمَهُمْ |
مِنْ قَمْحِهِ؛ إِنَّنِي فِي مَوْسِمِ الْغَسَقِ |
والْقَصْرُ عَالٍ، وَصَوْتِي صَدَّهُ حَرَسٌ |
مِنْ حَوْلِ سُورِكِ مَبْذُورِينَ فِي أُفُقي |
لَوْ أَنَّهُمْ كَشَفُوا عَنْ جِذْرِ قَصْرِكِ لَمْ |
يَرَوْا سَوَى قَبْر جَدِّي أخضَرَ الْعَرَقِ |
سَاقَاهُ أَطْوَلُ مَا فِي الْقَصْرِ مِنْ عَمَدٍ |
لَوْلاهُمَا لَمْ يَدُمْ قَصْرٌ.. وَلَمْ يَلِقِ |
وَصَدْرُهُ السَّقْفُ، فِيهِ نَبْضُهُ نَجَفٌ |
وَالْقَصْرُ مِنْ ضَوْئِهِ طُولَ العَطَاءِ سُقِي |
حَتَّى النَّوَافِذ مَا زَالَتْ بِهَا صِفَةٌ |
مِنْ وَجْهِ جَدِّي خُصُوصًا عِزَّةَ الْحَدَقِ |
لَيْلَى، يَقُولُونَ: لَيْلَى خُفْيةً وَقْفَتْ |
فِي شُرْفَةِ الْقَصْرِ تَبْكِي سَاعَةَ الشَّفَقِ |
سَبْعًا وَعِشْرِينَ لَوْمًا كُنْتُ أَحْسَبُهَا |
مَرِيضَةً أُعْدِيَتْ بِالْعَرْشِ وَالْوَرِقِ |
وَأنَّهَا نَسِيَتْ قَيْسًا وَأُسْرَتَهُ |
وَالْبُهْمَ مُنْذُ رَعَيْنَاهَا عَلَى الطُّرُقِ |
جَلْدْتُ لَيْلِى بِظَنِّي، كَيْفَ أَغْفِرُ لِي |
قَلْبِي الّذِي سَمَّهَا مِنْ شَكِّهِ النزِقِ |
إِسْوَارُهَا كَانَ قَيْدًا؛ واسْمُهُ ذَهَبٌ!! |
وَالْخَدُّ أَحْمَرُ دَمْعًا أَوْ بِكَفِّ شَقِي!! |
عُصُفُورَةٌ بَيْنَ أَسْلاكِ الْقُصُورِ؛ فَلَو |
غَنَّتْ لَذَاقَ زَفِيرَ الصُّوْتِ سَمْعُ تَقِي!! |
سَبْعًا وَعِشْرِينَ شَوْقًا كُنْتُ أَحْسَبُهَا |
تُطِيقُ بعْدِي، وَلَيْلَى قَطُّ لَمْ تُطِق |