كان يقرأ الحديث القدسي في الصيام " كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به .." إلى أن وصل إلى قوله تعالى في الحديث القدسي " للصائم فرحتان يفرحهما ..." ولعله كان جائعاً حين وضع – دون أن يدري – نقطة على الحاء ، فصارت الكلمة " فرختان " فبدأ يعلل ذلك :( للصائم فرختان)د: عثمان قدري مكانسي
1- لكي ليتحمل الصائم الجوع فينبغي أن يأكل طعاماً دسماً عند السحور والفرخة لحم لذيذ يسد جوعة الصائم ساعات طويلة ، كما أن الصائم – على حد تعبيره - يحتاج فرخة بعد هذا الصبر الطويل ليعوّض ما نقص من بروتينات من جسمه .
2- ونسي صاحبنا أن عدد الصائمين عشرات الملايين - وربما مئاتها- فمن أين يؤمّنون هذا الكمّ الهائل من الفراخ يوميا وعلى مدى شهر كامل ؟!
3- وهل الصائمون كلهم يستطيعون أن يحصلوا على الفراخ ؟ إن منهم الفقير والمعدم ، وذا العيال الذي قد يبلغ عدد أبنائه وأفراد أسرته العشرة أو أكثر ولن يستطيع – حتماً - أن يؤمن ست مئة فرخة في شهر الصيام ، ناهيك عن المصاريف الأخرى في هذا الشهر الذي يأكل فيه الصائمون أكثر مما يأكلون في الأشهر الباقية !!
4- وأين هذه المداجن القادرة على تأمين متطلبات صاحبنا ومن يتبعه في فهمه السديد !؟
- وتذكرت بعض المواقف المضحكة التي وقع فيها بعضنا جرّاء الخطإ في القراءة والفهم . فهذا يمسك بالآية الكريمة " أليس الله بكاف عبده " المكتوبة بالخط الكوفي المعروف بتداخل حروف كلماته وتشابكها بطريقة يتعذر على غير الممارس لقراءة هذا الخط أن يصل إلى معرفتها إلا بشق الأنفس ، فيتملاّها ثم يكتشف قراءتها بشكل صحيح ! يدل على مهارة ورسوخ قدم في فكّ الخط " إلياس بن عبد الله اسكاف " .
- وهذا يحاول أن يقرأ الآية الكريمة " وما توفيقي إلا بالله " فيقف أمام خطوطها المتشابكة ، ليصل إلى قراءتها " وماتوا الآباء ، لله فيقي " ويعلل ذلك بأن على الإنسان أن يكون يقظاً ومنتبهاً للموت وأن يعتبر بمصير من سبقه .
- ولكي أكون منصفاً فعليّ أن أعترف أنني وقعت في المحظور الذي عبته على غيري ، فالإنسان ضعيف مهما أوتي من فهم ، ويقع في الخطأ مهما أوتي من علم . فقد زارني أحد أقاربي في عمّان صيف واحد وتسعين وتسع مئة وألف حين دخلت جيوش العراق الكويت . ونزلتُ معه إلى وسط المدينة قرب الجامع الحسيني الكبير ، فمررنا على دكان يبيع صاحبها البقوليات المجففة ، فقرأ على أحد الاكياس كلمة " زعتروق " فتوقف يسألني وما " الزعتروق " يا أبا حسان؟ فنظرت إلى ما اشار إليه فإذا الكلمة " زعتر وََرَق " فدمج صاحبنا الكلمتين في كلمة واحدة غيّبت المعنى المراد . وضحكنا كثيراً وغدا نادرتنا يومين أو ثلاثة إلى أن وقعتُ في المحظور جزاءً وفاقاً . فقد قرأت عنواناً جذب انتباهي إذ ذاك ، إنّ وزير خارجية الولا يات المتحدة الأمريكية " جيمس بيكر " زار مدينة الإسكندرية منسّقاً الحصار على العراق مستعيناً بمبارك رئيس مصر ، ثم زار مدينة جُدّة ليرتب الأمور مع السعوديين : فكان العنوان هكذا " بيكر يزور جده بعد الإسكندرية " ولم يكن على تاء جدة نقطتان فصارت هاء ، وكان بيكر هذا في الخامسة والستين من عمره فعجبت أن يبقى جدّه حياً – معمّراً - مقيماً في الإسكندرية ، فيزوره حفيدُه بعد أداء مهمته ، وقلت في نفسي : كم بلغ هذا الجد من العمر يا ترى . وظننت أن " بيكر " مصري الأصل ، والدليل على ذلك جدّه المقيم في الإسكندرية !. ثم تنبهت إلى الخطإ فضحكنا جميعاً ، وقال لي صاحبي : واحدة بواحدة .
أما صاحبنا " سمير " فقد طلب إليه أستاذ النحو حين كنا طلاباً في كلية اللغات في جامعة حلب عام سبعة وستين وتسع مئة وألف أن يقرأ عبارةً في كتاب مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام المصري ، فتلاها ، فلما وصل إلى نهايتها " اه مُحَشّى " و " اه " مختصر انتهى ، ومُحَشّى تعني أن ما كتبه ليس له بل هو منقول عن غيره . فقرأها متحسّراً :" آه مَحشيّ " وأنواع المحاشي الحلبية متعدّة فيها الأرز واللحم .. فضحك الجميع حين سمعوا تنهّده الدال على جوعه وتعجبه - بآن واحد - من حب ابن هشام للمحشيّ .