السلام على من يقول و عليكم السلام , فإن رد و قالها نزيد في قولنا و رحمة الله و بركاته ,,, للإجابة على سؤالكم المطروح حول علاقة اسرائيل بتكوين حركة المقاومة الإسلامية حماس ,,, فإن الظروف السياسية التي كانت سائدة قبل اندلاع الإنتفاضة الفلسطينية المباركة عام 1987م , شهدت حركة سياسية نشطة لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية و بالتحديد حركة فتح التي كانت قد كونت إطارا تنظيميا نقابيا يسمى الشبيبة الفتحاوية , التي لاحقتها إسرائيل و اعتقلت كوادرها و أبعدت بعضهم , و يذكر التاريخ أن فتح كانت كما لا تزال الفصيل الوطني الأول على الساحة الفلسطينية , و لذا كانت دولة الاحتلال تسعى لتحجيم هذا الفصيل و هدمه من خلال ممارساتها التي تراكمت و أدت إلى اشعال فتيل الانتفاضة , و من ضمن الخطوات التي اتبعتها اسرائيل لضرب فتح جماهيريا أنها قد سمحت لما كان يسمى "المجمع الإسلامي" الذي تحول إلى حركة حماس بممارسة كافة النشاطات و الفعاليات على اعتبار انهم من "الدراويش" الذين لا يهددون أمن كيانهم البغيض, و ذلك على حساب فتح و بعض الفصائل الأخرى كالجبهة الشعبية و غيرها , على اعتبار بأن هؤلاء المشايخ لم يكونوا متطلعين للعب دور عسكري و أن طقوسهم تركز على أداء شعائر العبادات و حسب , و مع دخول الإنتفاضة لم تكن حماس قد اشتغلت بالفعل العسكري منذ البداية بل و اعتبرتها أي الانتفاضة هبة جماهيرية ستنتهي بفعل الوقت عما قريب , و لكنها تحولت بعد ذلك للعمل العسكري بحكم ما اعتبرته حركة حماس نضج في صفوف أبنائها و عناصرها التي كانت تركز منذ البداية على تثقيفهم و بنائهم عقائديا و ليس في هذا ضرر .
و من هنا لا يمكن القول أن إسرائيل هي التي صنعت حماس بالمعنى الحرفي , و لكنها ساهمت في وجودها من خلال عدم ملاحقتها وتركها لمطاردتها , و لو كان ذلك لما قويت حماس و توسعت و استكملت حلقات تكوينها مما كان سيضر بها على المدى البعيد , و لا أعتقد ان هذا الأمر يعيب حماس أو يشكك في مصداقية نضالها , بل إنني أرى من خلال ما توفر لنا و اطلعنا عليه من دفاتر تاريخ حركات التحرر أن الظروف المحيطة قد تخدم الفكرة أكثر من حامليها و هذا ما حدث لحماس , و لو أن كيان الاحتلال القذر قد سمح لفتح بالعمل ضمن حدود حركة لا يوجد فيها فر و كر كما كان في السابق لتمكنت فتح من أن تكون نموذجا لا يماثله فصيل .
مع خالص حبي و أصدق تحياتي
تامر المصري