من نسج الخيال 2
يروى انه في نفس الحي الشعبي من "نسج من الخيال 1" يعيش شاب في منتصف العقد الثالث من عمره... جلس ليلة أمام بيتهم المتراكم... الجميل في نظره... الوضيع في نظرة العالم ... جلس تحت شجرة أبيه الظل ، وهو متكدر البال منحدر المزاج ، من على يمينه "شخير" جارهم الذي يعلو السماء وعلى شماله عواء الكلاب وجرائها ...
هذا الشاب تربى من نعومة أظفاره على أسمى الاخلاق وأشرفها تعلم ان الكذب دمار وخراب وان الصدق والامانة أغنى الكنوز ، ضُرِب على الكذب حتى بانت خطوط الألم على جسده وأشبع ضربا على الاحترام ...شهدت عليه خطوط الليل على علمه وتعلمه واذا اخفق كان العقاب الجسدي هو الحل الوحيد... وفي المقابل عاش من كان في عمره في رفاهة ورخاء ...حتى كبر وصار شابا فإذ به منبوذ المجتمع ...لان الكذب ساد وقاد ...والصدق اندثر واختفى ...والرياء عاش كالملوك ...
اما العلم فلم يستطع ان يكمل تعليمه لان الوعود التي كان يسمعها في صغره كانت مجرد أكاذيب ... فتمنى الموت بمره لان مره احلى من مر تلك الحقيقة الصفراء ....
دخل ذلك الشاب على عائلته والدمعات قد استوطنت عينيه ....يقول:
لماذا جعلتموني هكذا؟؟ كأنني غريبا في الدنيا ...علمتموني على الصدق فوجدته أغلى الأثمان ...علمتموني على الاحترام فوجدته مستحيل ...علمتموني على ان العلم أفضل المخارج الى الحياة فوجدت انكم كنتم تدعون ذلك كي أتفوق ...علمتموني بان صاحب العلم أخير الناس فوجدته منبوذ الناس ...علمتموني بان أصاحب الأخيار ولكنكم لم تعلموني كيف أجدهم...علمتموني بان الكبير كبير بعقله وسعة قلبه فوجدت ان الكبير كثير المال والنسب ..
لما لم تعلموني بان الحياة هكذا ؟؟وأن سكانها هكذا ...كي استطيع ان أعيشها ...وأن أكون ضمن هذا المجتمع ليس منبوذ هذا المجتمع ...
خرج صديقنا واليأس قد تملك جوارحه ...