خليل الوزير(ابو جهاد) ...عاصفة، في ذكرى هادئة
وتمر الذكرى بخشوع ليس على عادتها، وتمر الذكرى بدون عاصفة كعاصفته تلك، بدون ثورة كثورته تلك ، وتمر الذكرى ومازالت تحمل رائحة الرملة في جنباتها، رائحة شواطئ غزة في عبقها، رائحة سنابل القمح في مرجها، رائحة الزيتون وعصارة الزيت المتدفق في معاصر نابلس، تمر متمردة رافضة أن تتجلى في ظل مرحلة يحاكم فيها نبض الثورة على سرعة الخفقان في جسد شهيد مسجّى على نعش الحرية ، تمر الذكرى وما زالت تحمل عبق خبز الطابون في حواري قريتنا العتيقة وتحمل رائحة التنور في أسواق غزة العتيقة .
تمر الذكرى تنحني رصاصات باقية بخشوع لصدى صوت متهدج يطل من بعيد ، تمر الذكرى تنحني لها حجارة متمردة في جبال الوطن .
ابو جهاد ...خليل الوزير، عشق الوطن حتى الثمالة فعشقه الوطن حتى الدم .
ابو جهاد ... رحلة شتاء حملتنا إلي استرجاع الخريف لغصبه، ورحلة صيف حملتنا إلي استرجاع الدم الذي اكتسى شقائق النعمان فكان (أدونيس) آخر في نيسان فبسطت له الطبيعة خضرتها إجلالا و أوراق العناب له إكراما و أزهر اللوز من كفنه الخاكي فكان اللون ذات اللون واللوز دائما اخضر .
رحل(الوزير)فكانت بداية الحكاية الطويلة ، بداية اكتشاف لسوق يعرض فيه الوطن في أسواق الأممية، وعلى جدران المزاد العلني ، رحل الوزير ابو جهاد فكانت القضية تسجّى قرب نعشه تشتهي جسد فيه روح قائد عشق رائحة البارود فعشقه الرصاص وأبى أن يغادره دون أن يلتصق فيه ويستقر ليسري كما الدم حين يتوهج ثورة في عروقه .
أبو جهاد ...أطلق الرصاص العاشق على الاحتلال دون اختفاء أو خجل أو مواربة ، وكان هو اللغة والشريعة التي لا تختبئ وعين الحقيقة التي رأينا فيها الوطن من بعيد فجاء بنا إليه وحملنا إلي عشقه ، فأبصرته عيون الظلام والحقد فانتزعت الرغبة المقاتلة العاشقة للثورة من بين ضلوعنا .
رحل الوزير جسدا وترك الوطن يتحسّر على جسد يشتاق لمعانقته ...رحل الوزير..، وبقيت الروح تحلق على سياج الوطن كما كان جسدها على مقربة منه ... رحل الوزير..، ومازالت عيونه الصقرية ترقب الوطن وتحرس ما تبقى من سياج ممزق حوله ...رحل أبو جهاد وما زلنا نذكره ...،أبو جهاد يسكن التاريخ ولا يغادره ويسكن الذاكرة ولن يكون مجرد ذكرى .
:
تحية لك من الوطن ...يا من يسكن جسدك دمشق وروحك الوطن .
:
عبد السلام العطاري
نيسان 2003