رماح في قلوبنا
و الخير في الكون لو عريت جوهرهرأيته أدمعاً حرى و أحزانابدوي الجبلليس من السهولة بمكان على أي امرئ منا أن يقلب في صفحات ماضيه فلا يجد فيها إلا السواد و الألم ، و شخوص أناسيَّ لم يلق منهم سوى الغدر و التنكر ، فمهما بذلنا لننسي أنفسنا ما مر عليها فإننا لا نملك لذلك شيئاً ، وذلك يخلق لدينا إحساساً بالعجز و الانكسار لعله يفيد خيراً أكثر مما يصنع شراً.
فهؤلاء الناس الذين ظنناهم يوماً أصحاباً و أهلاً فلم يكونوا سوى أشرار لبسوا لبوساً خادعاً فانسقنا وراءهم ، فكم كنا يومها خاطئين ؟!!!! ...... ليسوا إلا أعداء صنعتهم الإرادة الإلهية و وضعتهم في طريقنا ، ربما لنفيد منهم ، و ربما ليصنعوا فينا ذلك الشعور ، فكلما دعتنا قدرتنا للطغيان انفتق في داخلنا جرح مرتبط بما كان يوماً ، فيردنا عما كنا سنأتي ، و يعيدنا سيرتنا الأولى .
الصدق و الطهارة و إن باتا غريبين عن عالم نحن بلا تخيير أبناؤه ربما يجدان مكاناً في قلوبنا ، و هذا لن ينسينا شخوصاً أعطيناهم منا كل ما نملك ، فردوا علينا بشر ما يملكون ، و ربما بخير ما يملكون ، إذ كلهم شر في شر ، فماذا سيخرجون لنا من أنفسهم غير ما فيها ؟.
تضاء الليالي بقناديل من نور نحسبها لصفائها أقماراً صغيرة ، و نحن التائهون العابرون وسط جنح الظلام لا ندري ، و أنى لنا أن ندري وسط ركام تاريخنا الذي يثقلنا بآلام و أحزان تتكرر في ذواكرنا كل يوم عشرات المرات ؟ ، و أنى لنا أن نمحو من نفوسنا أحزاناً رسمها الدهر فلم يتأت لنا أن نغير رسمها ..... فليتك يا قلوبنا كنت دياراً جاهلية ، و ليت أحزاننا كانت بك أطلال أحباب ، قد كنت أحباباً فصرت آلاماً ، فمتى تغدين أطلالاً و نؤياً مهدماً .
و الألم الذي يصنعه ماضينا هو أنه يعشش فينا ، فلا يغادرنا إلا ليعود بصور جديدة حين نظن أنا فارقناه ، و يظهر فجأة متمثلاً بأشنع ما فيه ، فلا ندري أنحن جرأناه علينا ، أم هو أجرأ من أن يصده فرسان عقولنا ؟ !!
ليتك يا قلوبنا ملكت يوماً زمام أمرك ، و ليتك جرت على نفسك لتهنئي و لو ساعة من نهار ، و لكن أبيدنا كان أن نغير واقعنا ؟ ... أبيدنا كان أن نصيرٍّ ما فينا وما في غيرنا على غير ما هو عليه ؟ ، أبيدنا كان أن نجبر أنفسنا و غيرنا على أن يكونوا كما نريد ، أو كما يريد الحق الذي نريد ؟
الحزن ........... لا شيء غيره يبقى رفيقنا ، قد نرسم على وجوهنا آلاف البسمات ، و قد تغدو في عيوننا آلاف الأحلام ، و لكنَّ قلوبنا المنكسرة باقية على حالها ، فقد انغلق القلب على ما فيه ، و تبقى جراحه نازفة قدر ما نزفت يوماً بل تزيد ، لأننا معشر من أوتينا قلوباً ربطت بعالم يسمو فوق هذا العالم لم نخلق لنعيش ظالمين ، بل لنعيش مظلومين ، فلنهنأ بما ظلمنا به فذلك خير من أن نفعل بغيرنا ما فعل بنا ، و طوبى للمساكين بالروح فإن لهم ملكوت السموات .
25 - 11 - 2007