|
أعادتنـي بتلـكَ الناعسـاتِ |
لأيـامِ الغـرامِ الخالـيـاتِ |
لأجمعَ من رحيقِ الحُسنِ شهْـداً |
وأخلدَ في ظِلالِ النرجسـاتِ |
لأُهرقَ ما اكـتـنــزتُ من اضطرامٍ |
وأنهلَ من "عيونٍ" صافيـاتِ ! |
فأرشفُ من سُلافِ الحبِ خمراً |
وأثملُ من معيـنِ الناضحـاتِ |
وأبني للهوى محـرابَ نُسـكٍ |
وأُعتقُ من سجونِ العاشقـاتِ |
و أنفثُ من حديثِ الروحِ عطراً |
وأصدحُ عندليبَ الأُغنيـاتِ |
و كم يغني عن الشعـرِ افتتانـي |
وقد نطـقَ الهيـامُ بتمتماتـي |
"هما" بنظامِ عقدِ الحسنِ سحراً |
كلؤلؤتيـنِ بيـن اللؤلـؤاتِ |
أعادتنـي و أيـم اللهِ سعيـاً |
لجنتِهـا و تلـكَ الوارفـاتِ |
و أذكَت في الفؤادِ ضرامَ صبٍ |
تناثرَ فـي أُتـونِ السافيـاتِ |
و لم أكُ في شفيرِ البؤسِ مَيْتـاً |
وإن لـم يبتعـد عنّـي مماتـي |
وأحيتنـي بكوثرِهـا فَتِيـّاً |
لتشتعلَ الصبابـةُ فـي رفاتـي |
بُعثـتُ ملبِّيـاً لِنـداءِ حُـورِ |
أطوّفُ في رحابِ الناعسـاتِ |
طويتُ من الهوى سِفراً قديمـاً |
مليئاً "بالزهـورِ اليابسـاتِ" |
ولم أفتحْهُ مذ أشرقـتِ حُسنـاً |
وقد ألحدتُ ذكرى الضاعناتِ |
ففيكِ أعيـدُ أيامـي الخوالـي |
وفيكِ أرى السنيـنَ المُقبـلاتِ |
و فيكِ تذوبُ أسئلتي و شكّي |
وفيكِ تموتُ كـلُ تساؤلاتـي |
و فيكِ أرى نهـارَ تـأمـلاتي |
و فيكِ أرى حدودَ تناقضـاتي |
و فيكِ أرى أساطيـرَ الـرواةِ |
و أحـلامـاً تفـوقُ تخيّلاتـي |
أعادتني لأُجمـعَ مـن شتاتـي |
و أرسمَ من جديـدٍ خارطاتـي |
لفردوسِ الجمالِ البكرِ غضّـاً |
لأعكفَ عند تـاجِ الغانيـاتِ |
لألقاها كمـا كانـت بتـولاً |
و أُلبسَهـا نُضـارَ الأمنيـاتِ |
لأحياهـا خلـوداً سرمـديـاً |
و أقطـفُ من رُبـاها سوسناتي |
و أُفردُها بلهفةِ وشوشـاتي |
وأرويـها نشـيجَ موشحاتي |
أنـمقُ بـاقةً من عِطرِ بوحي |
و أودقُ من ثجاج المعصراتِ |
أنضِّدُ من بيانِ الشعرِ عِقداً |
أُتوِّجـُها النفـائسَ من لغاتي |
أضوِّعُ من جراحِ الأمسِ نزفي |
أُبلسمُ من رضاها حشرجـاتي |
وأسكنَ جنتي فيهـا وحيـداً |
و أطمسَ رمسَ تلكَ الذكرياتِ |
ففي فردوسِها الأعلى حسابي |
و عِلِّيـينها أجـرُ الـنجاةِ |
و أحيا مطمـئنّاً في نعيمٍ |
من الأفنانِ أروي معجزاتي |
أرتِّلُ في خشوعٍ بســملاتي |
و أقنـتُ في جـلالِ تـبـتلاتي |
هـنالِكَ جنّـتي فيها سـلامٌ |
وفردوسُ الأماني الناضراتِ ..! |