شكرت الضابط علي أريحيته وأعلنت عن تبرع سخي للخدمات الإجتماعية بالسجن كما فعلت بالملجأ ومن هنالك توجهنا جميعنا نحو منزلنا وقد رجتني ( جوليا ) وهي تغادرنا أن أرعي ( شنكل) لمدة أسبوع واحد لا أكثر تكون خلاله قد استخرجت له بعض الأوراق الثبوتية لتأخذه معها إلي أمريكا وتود أن يظل هذا الأمر طيّ الكتمان لا يعلم به أحد حتي لا تتدخل أطراف أخري لتفسد عليها خططها ولعلها تقصد بذلك والده ( وجدي ) الذي سبقها إلي الخرطوم من روما .موقف وعادت الأيام الحلوة من جديد .. عاد الزمن الرائع وعادت معة الأمنيات الرائعات .. فقد منحتني ( سحر ) أوقاتاً لم أكن أحلم بها وزادت بأن أوعزت لوالدها العائد لمنصبه المرموق .. أوعزت له بتعييني سائقاً خاصاً له ( تعرف يا بابا ميزة صالح ده شنو ؟ .. أولاً ميكانيكي شاطر ومؤدب وممكن ينفعنا في مشاوير الماما وناس البيت ) .. لم تترك له فرصة للرفض أو الإعتذار وهكذا تم تعييني سائقآ للمدير دفعة واحدة .. هوّنت الأمر علي المعلم ( سليمان الفاضي ) ووعدته بأنني سأعمل معه ساعات إضافية وأيام العطلات وقلت له مداعبآ ( الحكومه إجازات في إجازات .. عامله زي النسوان في المطبخ .. تقطع الأسبوع زي قرن الباميه .. لو الأربعاء إجازه ده معناه إجازه تلاته أيام وإمكن الواحد ياكل السبت وينزل الأحد .. وهكذا أقنعته بأن يسدد لي استحقاقاتي المالية عن عملي خلال الشهور الأخيرة .. وقد أوفيت بوعدي له بعد تسلمي لمهامي .. إذ حولت تدريجيآ كل الصيانة الخارجية لعربات المصلحة لورشته .. كنت أستيقظ مع آذان الفجر .. وبعد أداء الصلاة أرتدي أجمل ما عندي من ملابس وما إلي ذلك من عطور وقص شعر بصفة شبه يومية .. كنت أحاول جهدي أن أبدو أنيقآ في عينيّ ( سحر ) وكانت والدتها أسعد الناس بهذا التعيين الذي أضاف بعداً إجتماعياً جديداً لشخصيتها التي كانت تعاني الأمّرين بسبب سجن زوجها وإيقافه عن العمل وبالتالي حرمانه من مخصصاته .. فأنا الآن سائقهم الخاص .. وكانت ( سحر ) تحرص علي إحضار الشاي المصحوب ب(البسكويت ) بنفسها وتصبه لي .. نتجاذب أطراف الحديث ونثرثر بلا موضوع .. كنت ألمح في عينيها حنانآ دافقآ ينساب في صمت دون أن تفصح عنه وكنت أتلقف حنانها بفرح غامر أحبسه بين ضلوعي .. ولعل كل واحد منا كان مقتنعآ بهذا القدر من الحب الصامت أو هكذا خيلّ لي .. وكنت لا أدّخر وسعآ في تلبية رغبات كل أفراد العائلة وأقاربهم في توصيل هذا الضيف أو هذه لا سيما مشاوير ( سحر ) المسائية لحضور حفلات زفاف قريباتها علي امتداد عائلتها المتشعبة .. وأحياناً أعود بالعربة إلي منزلنا في ساعة متأخرة من الليل لا سيما عندما أكون في صحبة العائلة وهي تسهر إلي وقت متأخر في المناسبات .. شخص واحد كان لا يطيقني ولا أطيقه .. ذلكم هوعصام شقيق ( سحر ) .لكم تغيرت يا صديقي حربي ..عربه ملاكي أو بالأحري عربة ( تاكسي ) أنيقة صفراء اللون .. ما هذه الأبهة وتلكم الأناقة يا رجل .. ؟ ربنا كريم .. أرسل لنا الرائعة ( جوليا ) .. فقد منحتني مبلغاً لا بأس به كهدية وكذلك فعلت مع كافولة الذي قرر فتح ورشة خاصة به والإنتقال من منزلنا ليسكن بنفس الورشة بعد أن لاحظ تبرم شقيقتي ( سلمي ) من وجوده بيننا .. وعلي النقيض من ذلك رحبت بوجود ( شنكل ) ولعلّه استهواها بوسامته ودماثة أخلاقه بعكس (كافولة الفوضجي) .. المهمل .. الذي لا ينظم حتي السرير الذي ينام عليه .. ولا يساعد في ترتيب أوضاع المنزل لا سيما وأن طالبي ( سلمي ) للغناء في الأعراس يتضاعف يومآ بعد يوم وقد أضافت لفرقتها عازف ( أورج ) شاب أضفي علي أدائها شيئآ من التجديد .. هكذا إذن .. وكيف يا صاحبي توفق بين مشاوير المدير بالمصلحة ومشاوير ( سحر ) وشقيقتك سلمي .. ؟ لا تخف عليّ ّ .. فأنا ( بلدوزر .. أنا صاعقة النهار .. أنا أبو سريع الأصلي ) .. وكيف لو تضاربت مواعيد هذا مع هذه أو تلك .. ؟! .. في ظروف كهذه تبقي مشاوير ( سحر ) أولوية قصوي