بسم الله الرحمن الرحيم
وجوه في ثنايا الزحام ( رواية)
عبد الغني خلف الله
الحلقة الأولي
أيها الحضور الكريم .. حان الآن وقت إعلان الفائز بجائزة الموظف المثالي لهذا العام وتذهب إلي ..إلي ..الموظفة السره عبد القيوم محمد نور رئيس قسم المراجعة الداخلية بالبنك أو بالأحري (السريره) عبد القيوم كما يحلو لزملائها بالبنك و المتعاملين معه علي مناداتها .. فليتكرم السيد رئيس مجلس الإدارة بتسليمها الجائزة وهي عبارة عن شهادة تقديرية وعربة جديدة .. تصفيق حاد وزغرودة يتيمة انبعثت من بين المناضد الأنيقة ..نهضت بخطوة رشيقة ومرحة توزع الابتسامات والتعليقات يمنة ويسرة لاستلام جائزتها بعد أن احتضنت والدتها ومن ثمّ انحنت لتقّبل يد والدها عبد القيوم أفندي باشكاتب المديرية العتيق والذي أحيل للتقاعد القسري هذا العام ويعمل سكرتيراً لمجلس الإدارة بحكم تجربته العريضة في الوظيفة والحياة ..بيد أنها لم تتعلم قيادة السيارات بعد لكنها تذكرت والدها ومعرفته الفائقة بجميع انماط العربات الحكومية وهو يتنقل من بلد إلي بلد .. لا شك أنه سيعلمها قيادة السيارات ولن تعدم سائقاً يقوم بتوصيل العربة للمنزل.. شخص واحد تمني لوأن والدها لم يحضر ليقوم هو بتوصيلها بالعربة الجديدة ألا وهو نادر حماد الموظف الجديد الذي انضم حديثاً للعمل بالفرع وهو في واقع الأمر إبن الساعي حماد أقدم العاملين بالبنك علي الإطلاق ..ولكن لماذا هذا الإسم الغريب الذي تستمتع بسماعه ويستمتع بمناداتها به أيضاً زملاؤها بالبنك ؟!!
تعود القصة إلي جدتها (السرة بت عتمان ) والدتها لأمها والتي أصبحت فيما بعد ( السريره بت عتمان ).. واستمر الجميع بالقرية ينادونها بهذا الاسم إلي أنجبت ابنتها ( مواهب) أولي بناتها فأصّرت علي أن تحمل اسم الجدة .. وبدورها فقدت الجدة اسمها لتصبح ( حبوبه ) فقط.. فانداح الاسم للحفيدة الابنة (السرة ) . كانت الحفيدة الغالية قد لفتت الأنظارإلي جمالها وذكائها منذ أن كانت طفلة صغيرة تتعلم المشي بعجلة صغيرة من الخشب صنعها لها خصيصاً عبدو النجار صديق والدها الحميم وجارهم بالبيت الكبير وزميله في لعب ( الكوتشينة ) حين يلتئم شمل الجميع عمال ومزارعين وموظفين عصراً في فناء منزل التهامي خال السريرة المفضل ورئيس نادي كرة القدم الوحيد في القرية والذي كان فيما مضي موظفاً مرموقاً بالحكومة بالخرطوم لكنه آثر العودة والاستقرار بالقرية وفتح له مغلقاً لبيع مواد البناء وعايش القرية وهي تنمو وتكبر رويداً رويداً لا سيما بعد أن انفتح أبناؤها علي العالم الخارجي وسافروا لأوروبا ودول الخليج .. فشمخت العديد من البنايات وتغيرت حياة الناس نحو الأفضل ...