..
قمْ يا محمّدُ ... إلى روحِ محمّد بوعزيز ورفاقه
..
الآنَ بعدَ الإنتقالِ
إلى سهولِ النّخلِ والرّمانِ
في المدنِ البعيدةِ والغريبهْ
تتبدّدُ الأوهامُ والأسرارُ
تبدو كلّها الأشياءُ أقربَ للحقيقةِ
إنّها مدنٌ عجيبهْ
فهناكَ في الأبديّةِ
الحُكّامُ أكثرُ رحمةً
ويَـعوُنَ أنَّ الأقحوانةَ لمْ تجدْ بـُـدًا
منَ التّرحالِ للمجهولِ
تحملها الحقيبهْ
وهناكَ خلفَ الوقتِ
يستمعُ القضاةُ لصوتِ أفواهِ الأنينْ ..
ويعذرونَ الخاطئينْ ..
وكلَّ أمنيةٍ قريبهْ
وهناكَ ميلُ القلبِ للفقراءِ شبهُ مؤكّدٍ
والسّلطةُ العليا تحبُّ الياسمينَ
فلا تخفْ , قمْ يا محمّدُ , سلْ هنالكَ
ما تريدُ فقدْ مضى عهدُ
القوانينِ المريبهْ
واسألْ عنِ الأقمارِ والأجداثِ
كيفَ توحّدتْ فيها المصائرُ في بطونِ الأرضِ
بلْ وبأيِّ ذنبٍ أُطفئتْ كلُّ المصابيحِ المضيئةُ في العيونِ ..؟
منِ الذي قدْ أرسلَ الأحلامَ خلفَ الشّمسِ
غابتْ في كوابيسٍ رهيبهْ..؟
قمْ يا محمّد عندما
يطوي الظّلامُ جناحهُ
واروِ الحكايةَ منْ جديدٍ
عنْ خسوف البدرِ في ريعانهِ
إذْ أخلفَ الميعادَ , لمْ يأتِ الحبيبهْ
واقصص عليهمْ منْ أساطيرِ الخلودِ
وكيفَ أنَّ الحبَّ مَـسَّكَ فجأةً
فأثرتَ نقعَ الشّوقِ تهفو
نحوَ عينيها الكئيبهْ
واحذرْ علاماتِ السّؤالِ
عنِ الحقيقةِ في نموِّ القمحِ في حقلِ الخليفةِ
دونَ تلقيحِ الرّياحِ , كأنهُ فعلُ السّفاحِ ,
فإنْ ألحّتْ في السّؤالِ فقلْ كفى
يا نفسُ لا .. وكفاكِ تضليلًا وريبهْ
لكنّهُ يأبى التّساؤلُ أنْ ينامَ
فيوقظُ الأفكارَ جيشًا كلّما يغفو فريقٌ
للوغى تصحو كتيبهْ
ويقولُ دونَ إجابةٍ
هلْ كانَ موتُ الأقحوانِ ضرورةً
حتّى يعودَ الفجرُ منْ منفاهُ
للأرضِ السّليبهْ
أمْ كانَ للأقدارِ دورٌ في النّهايةِ
فانتهتْ في البحرِ يحملُها جنونُ الماءِ
سارتْ فوقَ أمواجٍ مريبهْ
ربّاهُ ما أقسى الحقيقةَ
إنْ تجلّتْ كالنّهارِ صريحةً
إذْ ذاكَ ندركُ أنّهُ تتقصّفُ الأزهارُ
إنْ غابتْ تراتيلُ العدالةِ
عنْ أناشيدِ الصّباحِ المدرسيّةِ ,
تصبحُ الطّرقاتُ سوقًا للنّخاسةِ
والطّفولةُ قدْ تشيخُ على
الممراتِ العصيبهْ
لا طبَّ ينفعُ عندها نضطّرُّ للكيِّ
اتقاءَ الدّاءِ ثمَّ الكيِّ ثمَّ الموتِ ,
كيفَ النـّارُ تمسي رغمَ قسوتها طبيبهْ
ربّاهُ ما أقسى الحقيقةَ
إنْ أتى يومٌ على الطّوفانِ يخشى فيهِ من ثغرِ السّفينةِ
أوْ يصيدُ الفأرُ ليثًا في الصّحاري
تلكَ إنْ حدثتْ ستغدو هذه الدّنيا
جحيمًا كلُّ ما فيها مصيبهْ
..
بقلم : مهندس رفعت زيتون
القدس في 19 \ 1 \ 2011
..