قرأت هديتك أيها الحبيب فأسعدني المبنى وأحزنني المعنى وقدرت لك همة الرجال وإشفاق الحريص.
دمت كما أراك أخ الثريا.
تحياتي وتقديري
ما معنى اختلط الحابل بالنابل:» بقلم أسيل أحمد » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» قراءة فى مقال الشجرة الملعونة» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» عميل» بقلم إبراهيم ياسين » آخر مشاركة: عبدالحكم مندور »»»»» حَقِيْقَةٌ مُخْجِلَةٌ» بقلم محمد حمود الحميري » آخر مشاركة: عبدالحكم مندور »»»»» كتبتُ إليك لو أن الكتابة ../ أشرف حشيش» بقلم أشرف حشيش » آخر مشاركة: عبدالحكم مندور »»»»» غزة العزة» بقلم المختار محمد الدرعي » آخر مشاركة: المختار محمد الدرعي »»»»» خواطر وهمسات.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» نظرات في مقال السرنمة (المشي اثناء النوم)» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» قطعتي رُخام» بقلم محمد إسماعيل سلامه » آخر مشاركة: محمد إسماعيل سلامه »»»»» الشجرة ذات الرائحة الزكية» بقلم محمد نديم » آخر مشاركة: محمد نديم »»»»»
قرأت هديتك أيها الحبيب فأسعدني المبنى وأحزنني المعنى وقدرت لك همة الرجال وإشفاق الحريص.
دمت كما أراك أخ الثريا.
تحياتي وتقديري
(27)
تَهَادَي المَسَاءُ حَالِمَاً فِي يَومٍ رَبِيعِيٍّ جَمِيْلٍ. كَانَتْ نَسَائِمُ الأَصِيلِ تَحْمِلُ رِسَالَةً مُقْتَضَبَةً مِنْ بِرْدِ الشَّمَالِ تَنْتَعِشُ مِنْ نَفْحَتِهَا النُّفُوسُ ، وَتَسْتَدْفِئُ مِنْ لَفْحَتِهَا الجَوَارِحُ.
جَلَسْتُ فِي شُرْفَةِ الذِّكْرَيَاتِ أَتَأَمَّلُ عُيُونَ النَّهَارِ تُغْمِضُ أَجْفَانَهَا فِي هُدُوءٍ وَدَعَةٍ ، وَتَنْظُرُ إِلَى الشَّمْسِ نَظَرَاتٍ مُوَدِّعَةً تَنْتَشِرُ فِي الأُفُقِ سُكُونَاً وَشُجُونَاً. خُطُوطُ الشَّفَقِ رَسَمَتْ حَرَارَةَ الوَدَاعِ حُمْرَةً عَلَى خَدِّ السَّمَاءِ عَرُوسَاً تَتَزَيَّنُ لِلقَمَرِ. وَأَقْبَلَ الغَسَقُ يَفْرِدُ خُصُلاتِ الشَّعَرِ الفَاحِمِ عَلَى جِيْدِ اللَّيلِ إِلا مِنْ دُرَرٍ تَتَلأَلأُ عَلَى مَفْرِقِهِ نُجُومَاً مُضِيْئَةً وَكَوَاكِبَ.
كُلُّ شَيْءٍ حَالِمٌ وَادِعٌ أَنِيقٌ يَحْمِلُكِ إِلَيَّ طَيْفَاً بِعِطْرِ الرُّوحِ. جَلَسْتِ إِلَى جِوَارِي تُقَدِّمِينَ قَهْوَةَ المَسَاءِ التِي تُحِبِّينَ أَنْ أُشَارِكُكِ رَشْفَهَا. فِنْجَانٌ وَاحِدٌ وَإِبْرِيْقَانِ ؛ فَاللَّيلُ سَيَطُولُ. أَرْتَشِفُ فَتَرْتَشِفِينَ ، وَتَبْتَسِمِينَ فَأَبْتَسِمُ. كَانَتْ العَصَافِيرُ المُهَاجِرَةُ تَعُودُ إِلَى أَوْكَارِهَا مُغَرِّدَةً بِسَعَادَةِ الإِيَابِ تَمْنَحُكِ السَّعَادَةَ وَتُلْهِمُنِي الحَدِيْثَ.
أَيَا حَبِيبَةً أَثْمَلَتْ بِالطُّهْرِ فُؤَادِي ، وَأَكْمَلَتْ بِالصِّدْقِ سَدَادِي ، وَأَرْكَضَتْ بِالخَيرِ جَوَادِى ، وَأَسْرَجَتْ بِالطُّمُوحِ مِدَادِي. مَا أَنْتِ إِلا بَهْجَةُ النَّفْسِ وَسَكَنُ الخَاطِرِ. كُلَّمَا جَلَسْتُ إِلَيكِ وَقَدْ تَدَفَّقَ الحَدِيْثُ مِنْ ثَغْرِكِ نَغَمَاتِ جَرْسٍ نُورَانِيٍّ ، وَسَلْسَبِيْلاً مِنْ حُلْوِ هَمْسِكِ ، تُضَاءُ جَوَانِحِي بِقَبَسِ مَشَاعِرَكِ الدُّرِّيَةِ ، وَتَشْتَعِلُ رُوحِي بِحَرَارَةِ رُوْحِكِ تَنْشُرُ فِي القَلْبِ الدِّفْءَ وَالسَّنَاءِ. عَذْبَةٌ أَنْتِ ، نَقِيٌّ وِرْدُكِ ، عَابِقٌ وَرْدُكِ ، صَفْوٌ وُدُّكِ ، وَفِيرٌ نَبْعُكِ ، زُلالٌ مَاؤُكِ ، جَمَالٌ وَجْهُكِ ، سَدِيدٌ رَأْيُكِ ، جَدِيْدٌ حُبُّكِ ، رَقِيْقٌ قُرْبُكِ ، وَثِيقٌ عَهْدُكِ.
يَنْتَصِفُ اللَيْلُ وَتَدْنُو النَُجُومُ تُلْقِي السَّمْعَ لِلنَّجْوَى فَتَتَعَانَقَ فِي الفَضَاءِ ، وَتَقَبِّلَ ثَغْرَ البَّهْجَةِ الصَّاعِدَةِ إِلَى هُنَاكِ ، وَتَبْتَسِمُ تَنْظُرُ إِلَى قَلْبَينِ أَمْسَيَا بِالعِشْقِ قَلْبَاً وَاحِدَاً ، ولسَانَاً وَاحِدَاً يُسَبِّحُ فِي أَذْكَارِهِ المُنْعِمَ العَظِيْمَ. يَلُفُّ الصَّمْتُ المَكَانَ فَجْأَةُ. تَتَلَفَّتُ النُّجُومُ الرَّاقِصَةُ فِي فُضُولٍ ، تَدْنُو ثُمَّ تَدْنُو فَتَبْتَسِمَ فِي هُدُوءٍ ، ثُمَّ تَنْسُجُ مِنْ نُوْرِهَا دِثَارَاً تُغَطِّي بِهِ العَاشِقَيْنِ النَّائِمَينِ عَلَى الأَرِيْكَةِ فِي شُرْفَةِ الذِّكْرَيَاتِ.
تحياتي وتقديري
(28)
فَجْرِي هُنَاكَ ، بَيْنَ لَيْلِ عَيْنَيْكِ وَشَمْسِ جَبِينِكِ ، فِي حَنَايَا عَقْلِكِ وَفِي شِغَافَ قَلْبِكِ. هُنَاكَ حَيْثُ تَفَتَّقَتْ دَيَاجِي انْتِظَارِي الشَّاخِصِ حَنِينَاً مُحَلِّقَاً فِي آفَاقِ النَّشْوَةِ المُمْتَدَّةِ عَلَى خُطُوطِ إِبْدَاعِكِ وَرُقِيِّ فِكْرِكِ ، وَحَيْثُ يُزْهِرُ الجَمَالُ الهَادِئُ مُرُوجَاً مِنْ عَبَقِ صِدْقِكِ وَأَلَقِ عُمْقِكِ.
كَمْ تَمَطَّى رَكْبُ لَيْلِي وَتَثَاءَبَتْ نُجُومُهُ وَلا زِلْتُ أَسْرِي بِالأَمَلِ ، أُسْرِجُ الصَّبْرَ بِقِنْدِيلِ اليَقِينِ ، وَأَحْمِلُ فَوقَ كَتِفِي أَرْزَاءَ السِّنِينِ لا العَزْمُ مَلَّ وَلا المَتْنُ كَلَّ. هِيَ رِحْلَةٌ أَبْحَثُ فِيْهَا عَنْ مَسَاءٍ مِنْ صَفَاءٍ وَصَبَاحٍ مِنْ أَمَلٍ.
لَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ أَنَّ دَرْبِي يَنْتَهِي إِلَيْكِ ، حَيْثُ يُشْرِقُ فِي صَبَاحِكِ الوَضَّاءِ عُمْرِي وَيَرْتَاحُ عَلَى صَدْرِكِ الحَانِيَ مَكْلُومِ الفُؤَادِ. لَمْ أَكُنْ أَعْلَمُ أَنَّكِ هُنَا إِذَاً لَجِئْتُكِ مُنْذُ زَمَنٍ ، وَلَكَتَبْتُ عَلَى وَجْنَةِ الزَّمَانِ تَرَانِيمَ تَوقٍ لِلقَمَرْ.
بَيْنِي وَبَيْنَكِ لَيْتَهُ جَمَعَ القَدَرُ ، بَيْنَ المَسَاحَاتِ البَيْضَاءَ فِي التِقَاءِ الرُّوحِ بِالرُّوحِ وَاحْتِفَاءِ المَعَانِي بِالصُّوَرِ. هُنَاكَ حَيْثُ لا يُثْمِرُ غَرْسُ الصِّدْقِ إِلا الوَفَاءِ وَلا تَنْسِجُ يَدُ التُّقَى غَيْرَ أَجْمَلِ رِدَاءٍ. هُنَاكَ حَيْثُ وَجَدْتُكِ دُرَّةً عَلَى جَبِينِ الشَّمْسِ تَسْطَعُ فِي نَقَاءٍ وَارْتِقَاءٍ.
أَيَّتُهَا المُتَفَرِّدَةُ فِي صَفَاءِ ذَاتِكِ ، المُحْتَشِمَةُ فِي هُدُوءِ قَسَمَاتِكِ ... كَمْ أَعْشَقُكِ!
تحياتي وتقديري
(29)
قَرْبَ الغَدِيْرِ جَلَسْتُ وَحْدِي، هُنَاكَ حَيْثُ تَفَتَّقَتِ الأَكْمَامُ وَتَعَانَقَتِ الآجَامُ وَتَوَدَّدَتِ الخَمَائِلُ بِظِلالٍ حَانِيَةٍ. كَانَتْ خُيُوطُ الشَّمْسِ الوَاهِيَةِ تَنْسُجُ فِي الأُفُقِ رِدَاءَ الأَصِيْلِ الهَادِئَ هُدُوءَ ابْتِسَامَتَكِ، الحَالِمَ بِلَونِ شِفَاهِكِ. وَخَلْفَ تِلْكَ الرَّابِيَةِ يَمْتَدَّ بِسَاطُ الرَّبِيعِ أَخْضَرَ مُخْمَلِيَّاً يَحْتَفِي بِظِبَاءٍ نَافِرَةٍ فِي البَعِيْدِ. زَقْزَقَاتُ العَصَافِيْرَ المَسَائِيَةِ تُطْرِبُنِي دَوْمَاً وَتُغْرِي أُذُنِي بِالإِنْصَاتِ مَلِيَّاً، بَلْ وَتَأْمُرُ الجَوَارِحَ، كُلَّ الجَوَارِحَ، أَنْ تَسْتَكِينَ. كَانَتْ تُغَرِّدُ -كَمَا عَادَتِهَا- بِلَحْنٍ مُشْرَئِبٍ رَقِيقٍ؛ مُوْغِلٍ فِي الزَّمَنِ مُقْبِلٍ بِالشَّجَنِ حَنُونٍ. كُلَّمَا أَصَخْتُ لَهُ سَمْعاً حَمَلَنِي التَّغْرِيدُ مَعْ رَجْعِهِ السَّاحِرِ مُحَلِّقَاً إِلَى حَيْثُ لا زَمَانَ وَلا مَكَانَ. وَكُلَّمَا أَطْرَبَنِي الشَّجَنُ وَهَزَّنِي الشَّوْقُ وَأَخَذَنِي البَّهَاءُ أَغْمَضْتُ عَيْنَيَّ كَي أَرَاكِ فَتُشَارِكِيْنَنِي هَذَا الجَمَالَ السَّرْمَدِيِّ صِنْعَةَ خَالِقٍ مُبْدِعٍ.
بَدَأَ حَدِيثُ العَصَافِيرَ عَنْكِ يَخْفُتُ كَأَنَّهَا أَشْفَقَتْ عَلَى قَلْبِي المُتَلَهِّفِ المُتَّأَوِّهِ. الصَّمْتُ يَتَسَلَّلُ إِلَى المَكَانِ بِمَهَارَةٍ وثِقَةٍ يَنْطِقُ بِالرَّهْبَةِ وَيَعْبُقُ بِالسُّكُونِ، وَيَدْعُو إِلَى التَّأَمُّلِ. لا أَحَدَ سِوَايَ هُنَاكِ عَلَى ضَفَّةِ الغَدِيرِ، لا أَحَدَ. حَتَّى بَقَايَا الشَّمْسِ الدَّافِئَةِ ذَهَبَتْ خَلْفَ الأَكَمَةِ تَتَأَمَّلُ تِلكَ الظِّبَاءُ التِّي كَانَتْ لا تَزالُ تَتَنَقَّلُ فِي رَشَاقَةٍ وَرِقَّةٍ عَلَى بَسَاطِهَا الخَصْبِ فِي طَرِيقِهَا إِلَى حَيْثُ السَّكِيْنَةِ. وَقَبْلَ أَنْ تُرْخِي الشَّمْسُ أَجْفَانَهَا نَظَرَتْ إِلَيِّ نَظْرَةً أَخِيرَةً بَعَثَتْ فِي جَسَدِي القَلِيْلَ مِنَ الدِّفْءِ وَالكَثِيرَ مِنَ الأَمَلِ.
هِيَ إِذَاً تَخْتَصِرُ يَومَاً مِنَ المَسَافَةِ بَيْنَ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ، وَتَغْفُو لِتَسْتَيِقِظَ عَلَى فَجْرٍ جَدِيدٍ لا غَبَشَ فِيْهِ وَلا كَدَرَ؛ فَجْرٍ نَمْسَحُ فِيْهِ غَسَقَ العَتَبِ وَغَلَسَ المَشَاعِرْ. الصَّفْحُ مُقْبِلاً، وَالعَفْوُ مُقَبِّلا، وَأَيْدٍ تَمْتَدُّ بِشَوقٍ مِنْ جَدِيدٍ. هِيَ ذَاتُ الأَيْدِي التِي تَكْتُبُ أَنَامِلُهَا الرَّجْفَةَ كُلَّمَا بَحَثَتْ لَكِ عَنْ أَكَالِيْلَ حُرُوفٍ اليَاسَمِينِ تُطَوِّقُ بِهَا جِيْدِكِ ، وَتُعَطِّرُ بِهَا أَنْفَاسَكِ.
يَا لَهَا مِنْ نَفْسٍ عَجِيْبَةٍ نَفْسُ العَاشِقِ، يُسَابِقُ عَفْوُهَا عَتَبَهَا، وَيُلاحِقُ صَفْحُهَا غَضَبَهَا، وَلا تَزَالُ فَي أَوْبَةٍ وَتَلاقِ، وَهَجْرٍ وَاشْتِيَاقٍ، وَالتِقَاءٍ وَافْتِرَاقٍ مَا نَبَضَ فِي صَدْرِهَا خَافِقٌ وَدَامَ فِي الكَونِ مِنْهُمْ عَاشِقٌ. كَأَنِّي بِنَفْسِ العَاشِقِ لا يَقَرُّ لَهَا قَرَارٌ فَتَظَلُّ تَتَقَلَّبُ فِي حَالاتِهَا لا تَسْتَكِينُ إِلا إِلَى الصَّدْرِ المُؤَسِّي وَالقَلْبِ المُحِبِّ وَالدِّفْءِ المُشِعِّ مِنْ عَيْنِ الحَبِيْبِ.
غَالِيَتِي، هَلْ أَسُوقُ إِلَيكِ اعْتِذَارِي؟
تحياتي وتقديري
ما من سبيل لاقططاف زهرة منها ، فبتلاتك الملونة عقد يجمع العسجد و اللؤلؤ و تزينه خريدة و دانة .
ما أرى بتلاتك إلا تاجا نسجته يد محب على رأس محبوبة .
تحية كلها عطر .
ناثرنا العظيم ، غبت عن بتلاتك زمنا طويلا ، و أراها تشكو الجفاف .
هلّا سقيتها من معين قلمك الفريد !
الحق يا أستاذنا نود أن ننقل بعضها إلى دولة النثر شاهدا على جمال المنثور ، و تفوقه في أحايين على المنظوم .
فهل تأذن .
تحية و ود .
(30)
لَيْسَ أَثْقَلُ عَلَى النَّفْسِ مِنْ لَحَظَاتِ الانْتِظَارِ. هِيَ كَأْسٌ مُرَّةٌ يَتَجَرَّعُهَا فُؤَادُ العَاشِقِ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهَا ، وَيَأْتِيهِ الوَهْمُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِوَاهِمٍ وَلَكِنَّ الشَّوْقَ شَدِيدٌ. يَتَقَلَّبُ مُتَوَحِشَاً فِي أَحْضَانِ الوَقْتِ المُتَثَاقِلِ يَحْتَمِلُ سَمَاجَتَهُ أَمَلاً وَمَللاً وَيَبْتَلِعُ مُجَاجَتُهُ لَهْفَةً وَوَجَلا. وَأَكْثَرُ مَا تَكُونُ الكَأْسُ مَرَارَةً حِينَ يَنْتَظِرُ العَاشِقُ اللِقَاءَ فِي صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ ، يَتَرَقَّبَ الحَيَاةَ أَنْ تُقْبِلَ ، وَالفَجْرَ أَنْ يَهُلَّ.
دَائِمَةً هِيَ لَحَظَاتُ انْتِظَارِي لَكِ ، حَالِمَةً بِالذِّكْرَى ، بَاسِمَةً لِلَّحَظَاتِ السَّكْرَى ، مُدِيمَةً فِي العَيْنِ خَيَالَكِ ، مُقِيمَةً فِي النَّفْسِ جَمَالَكِ ، لا تُبَارِحُ إِلا كَرَفَّةِ جَنَاحٍ لِطَيْرٍ يَرْشُفُ رَحِيْقَ الزَّهْرِ سَبَبَاً لِحَيَاةٍ وَهُوَ مُعَلَّقٌ فِي مَكَانِهِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ؛ لَو تَوَانَى الجَنَاحُ عَنِ الرَّفْرَفَةِ كَالوَمْضِ لَسَقَطَ الجَسَدُ لِلأَرْضِ ، وَلانْطَوَتِ الرُّوحُ حَسْرَةً وَانْكِسَارَا. أَو كَخَفَقَاتِ قَلْبِ وَلِيْدٍ يُقْبِلُ عَلَى الحَيَاةِ بَاكِيَاً جَازِعَاً فَلا يَسْكُنُ إِلا إِلَى فُؤَادٍ يَعْرِفُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ زَمَانَهُ ، وَصَدْرٍ يَغْرِفُ مِنْهُ حَنَانَهُ وَأَمَانَهُ.
آهِ كَمْ أُشْفِقُ عَلَى قَلْبِي وَهُوَ يُصَارِعُ بِالحَنِينِ لَحَظَاتِهِ ، وَيُضَارِعُ زَفَرَاتِهِ بِخَفَقَاتِهِ ، فَصِيحَ الشَّوْقِ أَعْجَمِي التَّوقِ أَرْيَحِيِّ الشَّجَنِ. كَأَنِّي بِهِ يَعْتَصِرُ المَشَاعِرَ خَمْرَاً يُذْهِبُ بِهَا اللُّبِّ فَلا يُبَالِي بِمَا يَدُورُ حَوْلَهُ ، وَلا يُدْرِكُ مَا يَؤُولُ إِلَيهِ أَمْرَهُ. أَو كَأَنِّي بِهِ يَصَّعَدُ فِي أُفُقِ اللَّهْفَةِ حَرَجَاً حَتَّى لَيْخْتَنِق فِي صَدْرِهِ الصَّبْرُ وَيَقْضِي فَوْقَ عَاتِقِهِ الجَلَدُ. تَمُرُّ الثَّوَانِي دَقَائِقَ وَالدَّقَائِقُ سَاعَاتٍ وَالسَّاعَاتُ أَيَّامَاً وَالأَيَّامُ عُمُرَاً ، وَتَتَشَابَهُ الأَشْيَاءُ حَتَّى لَيَسْتَوِي الظَّمَأُ وَالتَّرَعُ ، وَالغَرَثُ وَالشَّبَعُ ، وَالأَمْنُ وَالهَلَعُ ، وَالوَسَنُ وَالفَزَعُ ، وَالجَدْبُ وَالهَمَعُ ، وَالعَيْشُ وَالنَّزَعُ ، وَتَتَوَحَّدُ الوُجُوهُ جَمِيعَاً جَمِيلُهَا وَدَمِيمُهَا صَغِيْرُهَا وَكَبِيرُهَا لِتَرْسُمَ لِي وَجْهَا وَاحِدَاً هُوَ وَجْهُكِ يَا حَبِيْبَةُ.
أَبْحَثُ عَنْكِ يَا حَبِيبَتِي فَاَجِدُنِيِ مَعَكِ ، وَأَبْحَثُ عَنِّي فَاَجِدُكِ مَعِي. أَتَنَفَّسُ رَيَّاكِ فِي زَهْرِ الرَّوَابِي ، وَأَتَرَسَّمُ لَفَتَاتِكُ عِنْدَ كُلِّ بَابِ ، وَأَسْتَشْعِرُ إِحْسَاسَكِ يُوَشِّي العُمْرَ لِي بُرْدَةً مُطَرَّزَةً بِخُيُوطٍ ذَهَبِيَّةٍ مِنْ نُورِ رِضَاكِ ، نَسَجَتْهَا بَالوَفَاءِ يَدُ فَنَّانَةٍ ذَكِيَّةٍ تَرْسُمُ الحَرْفَ لَوْحَةً ، وَتَكْتُبُ اللَونَ فَرْحَةً ، وَتَغْزِلُ المَعَانِي أَكَالِيلَ مِنْ زُهُورِ الفُلِّ عَبَقَاً يَرْتَعِشُ لَهُ الفُؤَادُ المُغْرِقُ فِي الذِّكْرَيَاتِ.
أَبْحَثُ عَنْكِ فِي كُلِّ صَبَاحٍ حِينَ تُرْسِلُ الغَزَالَةُ لِلنَّائِمِينَ رَسُولَ دِفْءٍ وَحَيَاةٍ ، وَأَبْحَثُ عَنْكِ فِي كُلِّ مَسَاءٍ حِينَ يُرْسِلُ البَدْرُ لِلحَالِمِينَ رَسُولَ شَوْقٍ لِلمُنَاجَاةِ.
أَبْحَثُ عَنْكِ لا لأَنِّي لا أَجِدُكِ بَلْ لأَجِدَ نَفْسِي وَأَسْتَنْشِقُ بِكِ الحَيَاةِ يَا كُلَّ الحَيَاةِ.
تحياتي وتقديري
كل بتلة لها عطرها الخاص بها واجمل ما فيها انها تجمعك مع من احببت لتترك في نفسك شذا لقاء الروح بالروح ..
ما أردتها أن تقطف بل أن تنتظم في إكليل خيطه الود ، وفصوصه الشوق والصدق والتعبير يضعه المحب على رأس المحبوبة عرفاناً واعترافا.المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الباحثة
الأخت الباحثة:
يسعدني أن حازت بتلاتي على تقديرك.
دمت بألف خير
تحياتي