أضرحة الغياب قصة قصيرة
مباسم الأرصفة تقبل قدميه , متصلة بجسد فارع الطول , يخطو بخطوات جندي مهزوم, يراقب التي أمسته ضحية الانتظار, رمى بعينيه نحو طريقها , متحديا , نادما أن يمد يده ليصافحها أو يلقي بالسلام عليها . أذهله الحضور وأخجله القدوم. الأفكار تلو الذكريات تجلده بسياطها ,تعصف به تركبه بساط الريح صدى أهدابه مع السماء متقطعة. ولا يزال في وقفته بينما الآخرون لاهوت, خاطبته نفسه تلومه على وقفته البلهاء بذلك الجو القارص ,فالبرد و الفكر المعترك يداهم تفكيره المعذب من حريات محسوره , تابع موجات التردد نعم أولا.. أأسلم قائلا عرفتك من بين الحضور, قد فاته الوقت , تذكر أمواج البحر قادمات رائحات . غابت عن ناظريه كالحلم فعاود إلى نفسه وحيدا غريبا متهالكا غارقا يحاول أن يمسك بقشه تسعفه على النهوض قائلا : هل من الممكن ان يتكابر انحسارنا, لن يكون الصمت أفضل طريقا إلى البوح فلم تكن غير قصيده أوشك مخاضها . أوجس طيفها من اللقاء فأخذت أحلامه تسرح به بعيدا مع الكلمات قائلا : ( من بعد الغياب رأيتها كانت كنور الصبح ترفل واثقة والحسن يقطر من محياها وكان القد ممشوقا كعود الياسمين بلا عوج خرجت كمثل الحلم تسرق من عيوني بوجهها ورأيتها لحنا رقيقا يستريح له الفؤاد وينظر له الأمد راقبتها حتى إذا بعدت أطل من الغياب حضورها ..) وسرح به الخيال لمتلاطمات الروح بالجسد وأردف منهي قصيدته ( ومن سيطفئ لوعه الحسن المهيب أفر من نفسي إلى نفسي وأنهض من مجاهرتي وحين الصبح يحضر لا أرىا لا أنا وحدي وأضرحة الغياب وشوقها ) ... أطبق القصيدة في الظرف وأرسلها كاتبا لها لقد حلمت ومن حق الآخرين أن يحلموا والشعراء أن يسخروا إبداعهم بوصف الجمال حتى لو فاقت حدود الأدب فالشعراء مجانين يهذون بكلمات بما يأتي بمخزونهم فلا أحد يلومهم على ذلك وأرسلها ... فكانت ذريعته إن هي على موجته فهو المطلوب وإلا فالعذر سبق الفعل. فقد أرسل رسالته يخيفه وتردد يغشيانه ,من جرأه الكلمات .ووردت إليها بكلمات الوصف التي تعدت تقاليد العرف وخلعت عباءات القبيلة ,اعتبرتها حلم شاعر يعشق الجمال يلونه على حسب تداعيات واحتياجات نفسه المتهالكة بحب النساء . غضبت زمجرت للكلمات المغايرة لمبادئها فالإنسان يظل يتعلم من المواقف التي يمر بها واعتبرته دخان مر فأدمع عينيها وتبقى الأصاله التي يدفعها العقل المتزن .
رددت في نفسها: تبا لهذا الشاعر المعتوه . حامله جرحها من ذلك ومن الآخرين وتراشقهم لها بالنظرات وبالكلمات التي ترفضها لأنها تنشد الفضيلة المغلفة بالأدب والآخرون لهم مسار أسمه لنسعد وحدنا ونصف مثلما نشاء , هو ما جرىلشاعرناالمجنون .وتبقى وقع القصيدة في نفسها كضرح عميق داخل قبر لم تجف تربته ودموع ناعيه لما يشاء لها من الوقت .
تمـــــــــت
الجوهرة القويضي
من المحموعة القصصية ( غواية الآخر )
htt://aljawhrh.arabgate.ws