|
والنازعاتِ فؤاد الصبِّ إغراقا |
تركنَهُ جاثياً من هول ما لاقى |
لو كان يعلم أن الموتَ يرصدهُ |
لأغلقَ العينَ دون الحسنِ إغلاقا |
أومى إلى ضبيةٍ تختالُ سافرةً |
فأبصرَ السحر في الأرجاءِ مهراقا |
هل صادفتْ عينهُ أجفانَ فاتنةٍ |
أم أنها أبصرتْ في الليل برّاقا؟ |
كأنما رمش ليلى فوق وجنتها |
ليلٌ توضأ فوق الشمس إشراقا |
صلىً على خدها فرضاً ونافلةً |
وهم بالحجِ لولا خاف إحراقا |
فما تلا آيةً من حسن صورتها |
إلا تلتْ أختها في العقلِ إيلاقا |
عجبتُ من عاشقٍ فاضتْ مواجعهُ |
فمد أجفانهُ للحب أطواقا |
نجا الغرامُ وذاب الطرفُ واحترقتْ |
روحُ المحبِ التي سكرتْ بما ذاقا |
قد أمسكتْ قلبهُ بالحبِ غانيةٌ |
فراح يتبعها بالشوقِ منساقا |
يبيتُ يطلبها وصلاً يطببه |
من لاعجٍ في الحشا يجتاحُ أعماقا |
ياربة الحسن إني عاشقٌ دنفٌ |
والحب أهلك عشاقاً وعشاقا |
وزعتُ قلبيَ بين الناس فالتمسي |
أشلاءهُ إنها تمتدُ آفاقا |
تحسسي نبضهُ من قبل مقتلهِ |
وأنقذي الحبَ واستدنيهِ إشفاقا |
إني سألتك بسم الله قاتلتي |
أن ترحمي في الهوى قلباً وأحداقا |
الحب والروح يقتتلانِ في جسدي |
فطرد ذاك لهذا باتَ إزهاقا |
أي الفريقين أدنى للردى أملاً؟ |
كلاهما لاحتضان الموت قد تاقا |
أفقْ نديم الأسى فالروح قد سكرتْ |
بخمرةٍ أيقظتْ في القلبِ أشواقا |
وسل فؤادك هذا المصطلي ألماً |
هل عندهُ أملٌ يبقيهِ خفاقا؟ |
أم أنها نزوةٌ باتتْ تؤامره |
على اعتناق هوىً قد جزْ أعناقا |
إن كنت تعشقُ أنثى فالهوى ذكرٌ |
ومهجةُ الصبِ طفلٌ بالأسى ضاقا |
في جانبِ الطورِ من غيبي و ذاكرتي |
قضيتُ عشراً بها أتممتُ إخفاقا |
آنستُ في مقلتي نيرانَ منسأتي |
قد أحرقتْ دمعها إذ سال دفاقا |
كأنما الليل محرابي وصومعتي |
ومهجتي راهبٌ قد بات غفاقا |
تراهُ يملأ كأس الصبرِ من غسقٍ |
ويشربُ الدمعَ من عينيه غساقا |
إذا شكا الجرح لام الناسُ ذلتهُ |
وإن تكتّم ظنوا أنه راقا |
دقّ الحنينُ على جنبيه فانبجست |
كلُّ الجراحِ التي أوهتهُ إرهاقا |
روى أهيل الهوى من فيض أدمعه |
وباتَ ضمآنَ يشكو فوق ما طاقا |
هل صارتِ العينُ للأحزانِ محبرةً |
أم أصبحتْ وجنتي للدمع أوراقا؟ |
هيا اغمسي قلم الأوجاع في كبدي |
ولتكتبي فوقها قد ذاب مشتاقا |
ذرني وما في الحشا ياوهمُ محتسباً |
أجرَ الشهادة إن الموت قد حاقا |
قدّتْ قميصي يدُ الأقدارِ من دبرٍ |
وحملتني من الأوزارِ أطباقا |
كل السنين التي مرت على ألمي |
زادتْ عجافَ ليالي البؤسِ إملاقا |
ولا أبريءُ نفسي إذ تلقنني |
حلماً تميّزَ إمساكاً وإطلاقا |