هذه القصة أوردها هنا للتصحيح النحوي :
مغامرة ليل
أطل من النافذة بنظرات متلصصة متفقدا الطريق.. ولما تأكد من خلوه من المارة تسلل بخفة ومهارة أكتسبها من طول الممارسة
ممسكا بحافة النافذة بيد من حديد ــ ثم قفز قفزة أسقطته وسط الشارع بهدوء .
كانت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل والطريق يسبح فى ظلام كثيف لليل قد فقد قمره .. وقف الرجل ملتصقا بالمبنى لبضع لحظات مطرقا السمع لأي صوت أو حركة فلم يسمع سوى دقات قلبه الذى تعالت ضرباته بين ضلوعه في عنف وقوة .
بدأ يركض فى اتجاه منزله فى سرعة ممسكا بزمام حقيبته الجلدية الصغيرة المعلقة فى رقبته والمتدلية مع كتفه ــ وعندما شعر إنه
قد ابتعد بالقدر الكاف عن المكان بدأت خطواته تهدأ ,وبدأ ذهنه يسترجع تلك اللحظات العصيبة التى واجهها منذ قليل ...
بدت له العملية سهلة للغاية فى البداية ــ فالشقة التى هاجمها بالدور الأول لعمارة تقع فى حى هادئ للغاية .. هدوء يؤمن له العودة فى سلام .
سار كل شئ فى البداية بأحسن مما يود أو يتوقع ـــ فقد اقتحم البيت بسهولة متسلقا أنابيب المياه وممسكا بحافة النافذة , التى عالجها بآلة حادة دقيقة حذق فى استخدامها مع كثرة تجاربه ... دخل إلى الغرفة .. فتشها بسرعة .. كان حظه حسنا للغاية فقد عثر على ثروة ضخمة ــ كمية كبيرة من الحلى والمصوغات الذهبية أهمل أصحابها فى إخفائها كما ينبغى ..
فتح حقيبته الجلدية ــ أخذ يملأها بغنيمته فى سرعة .. ولكنه وعلى غير توقع منه سمع أنفاس لاهثة وراءه وغمر الضوء الغرفة
فجأة وصاح صوت مرتعش ...... من هناك ؟!!!
كانت لحظات حرجة وكان لابد وأن يتحرك فى سرعة ــ وقبل أن تطلق العجوز الواقفة أمامه صرخة تكون فيها نهايته هجم عليها
مطبقا على فمها ــ ولكن تلك العجوز كانت أقوى مما توقع وقد دفع فيها الرعب قوة جبارة جعلتها تقاومه فى عنف واستماتة فلم يشعر
بنفسه إلا وقد أغمد فى صدرها آلته الحادة ــ فوقعت جثة هامدة على الأرض .
استعاد اللص هذه اللحظات ــ ارتسمت على شفتيه ابتسامة خبيثة .. قال لنفسه محدثا شبح ضمير استطاع أن يقتله منذ سنوات
عديدة مضت ... المهم إني نجوت الآن بنفسى وغنيمتي ــ وقد كان موت العجوز ضروريا لسلامتي .. لم تكن غايتى قتلها
ولكن القدر هو الذي أراد ذلك ــ وعلى كل حال فقد كانت عجوز مآلها إلى الموت إن لم يكن اليوم فغدا..
كل ما فعلته إنى اختصرت لها الطريق ..
عاد اللص إلى منزله ــ أشعل ضوءا صغيرا وبدأ يفرغ محتويات شنطته الجلدية وبنظرة تملؤها الدهشة والخوف أخذ يبحث
عن شئ ما ــ بعثر محتويات الشنطة ..أفرغ جيوبه كلها ــ لقد افتقد شئ سيفضح سره ..
لقد عثر على فردة واحدة من قفازه البلاستيكى الشفاف
وقف اللص فى منتصف الغرفة وقد إنتابه رعب قاتل .. إن قفازه كان مرشوش من الداخل ببودرة التلك ــ لابد وأن القفاز المفقود
به الآن صورة دقيقة لبصمات يده ..تلك البصمات التى يعرفونها جيدا .. هناك فى مركز الأمن .. فقد زارهم من قبل لعدة مرات ـ
ولكن فى هذة المرة هناك حبل يتأرجح فى انتظار رقبته ...
ارتعدت فرائصه عندما تذكر نظرة الرعب فى عينى العجوز وهو يحاول إسكاتها ولكن ارتعاده زاد أكثر عندما أدرك إنه لابد
أن يعود ثانيا إلى هناك .. حيث ترقد ضحيته ..
وبخطوات مرتعشة وفكر مشوش لا يعرف الاستقرار عاد من جديد إلى نفس الطريق .. وصل المكان المقصود وبأطراف مرتجفة
تسلق الأنبوب ــ ووصل إلى النافذة .
مازال كل شئ كما هو ــ والهدوء يشمل المكان ويغرق فى ظلام دامس .
أضاء مصبح بطاريته الصغيرة .. وجد الجثة مكومة على الأرض كما تركها منذ قليل ..
أصابه شعور مميت بالندم والرعب ..
سلط الضوء فى اتجاه الجثة باحثا حولها عن قفازه الضائع ..
جمد الدم فى عروقه فقد خيل إليه أن العينان تتحركان فى اتجاهه ..
أبعد من ذهنه هذة الفكرة بسرعة .. حاول أن يجمع شتات نفسه ..
قلب الجثة ليبحث عن قفازه تحتها ــ ولكنه شعر وكأن شيئا ناعم بارد كالثلج يمسك بساقه ..
انتابته حالة هستيرية فظل يصرخ ويصرخ .. ولم يهدأ إلا بعد أن ألتم حوله الجيران وأمسكوا به وبلغوا البوليس
مد اللص يديه فى استسلام للشرطي ليضع فيهما قيده الحديدي .. ولكن عيناه تجمدتا على شئ ما ــ فقد كانت أحدى
يديه ما تزال مرتدية لفردة القفاز التى بحث عنها طويلا .