تطرق الأبواب , تنَقب عن عمل ، تبوء كل محاولاتها ، بإخفاق مريض يصيب جسد أيامها .
يوماً و الحزن يطوق لياليها ، يحتضنها كغائب عاد من سفر بعيد ، كله شوق إليها .
ضغطت على الراديو ، كأنه طوق نجاة تنجو به من بحار الهم ، بحركة هستيرية يفقد جسدها اتزانه ، كأن زلزال القهر و العوز يضربه ، تتشنج أعضاؤها ، تتفكك على صوت الموسيقى ، بدأ جسدها يغوص فى الهواء ، يداعبه ، يضربه يُسرى و يُمنى بخفة كريشة تسبح فى الهواء !!
تدخل عليها جارتها ، تبتسم من شدة اندهاشها ، تضرب كفَيَها حتى إنهما أصدرتا دقات سرت مع تمايل جسدها ، أوقفت الراديو تقول :
- لك جسد رائع ، يضاهى عارضات الأزياء ، خطوات جسمك تسير على النغمات كأنها نمت على صوتها .
زوج جارتها ، يعمل بفرقة موسيقية تُحيى الأفراح .
- آه ، لو رآك فتحى ترقصين .
- ماذا كان سيفعل ؟؟
- ستكونين واحدة من أشهر نجمات الرقص .
- ( يالهوى ) أتريدننى ألبس ملابس الراقصات العارية ؟
- أليس العرىَ مع رغد العيش ، أفضل من التستر الممزوج بالحاجة و القهر ؟
بعد أيام تدخل عليها ، بيديها بدلة رقص ، تناشدها أن ترتديها ، بعد إلحاحها ترتديها .
البدلة حمراء متوهجة ، جسد ناعم بضٌَ ، تلتهب منه البدلة , تزيد توهجاً.
تصرخ جارتها دهشة !! تمد يديها من الشباك ، تفتح الباب ، يدخل فتحى يرى نوال ببدلة الرقص ، فيسيل لعابه !!
تضربه زوجته على صدره لتعيد اللعاب لفمه ، يخرج خمسين جنيهاً ، يدسها فى يد نوال .
تتأهب نوال لأول ليله لها بعالم العرىَ ، تمسك الخمسين جنيهاً بفرحة باكية .
يأتى يوم خالع حياءه ، تسير مع الجزار معصوبة الخجل مغمضة الحياء...
- سوف تتألقين يوماً بعد يوم ، بعد وقت قصير ، ستكونين راقصة مصر الأولى .
تبتسم ، أبتسامة مصلوبة على جدار شفتيها ، تأكلها طيور الخوف من المجهول .
تخرج عارية ، أعضاؤها تبكى , من وخزات مسامير الأعين المحدقة بها ، و سهام الشهوة المرشوقة على نواصى جسدها ، قشعريرة قاتلة تسرى ، تنفض بها تلك النظرات التى تنهش جسمها .
تدور و تدور كالتفاحة التى ترقص , حولها ألوف الخناجر ، يعلو صوت الموسيقى ، يعلو، يعلو ، تغلق عينيها بيد الذل ، تدور ، تدور ، ليتصبب الدمع من جلدها .