أخي وزشقيق روحي الأستاذ هاشم ..
التصوف هو كل ماذكرته أستاذنا الحبيب : حين ننجح في أن نتلطع إلى ثمرات التصوف ونتائج الإنتماء إلى فنون التصوف ... فالعلاقة جدلية بين روحية التحرر وبين التصوف .. واياك أن تظن أني اقصد بالتصوف التقشف واعتزال الناس والكون , بل هو التصوف المعرفي المؤسس على مرجعية ثقافية تناقش رؤية ( وحدة الوجود ) بلغة عقلانية مع ما افرزته علوم اليوم .. ثم فهم ابعاد ( الاعتراف بالتعددية الدينية) التي ستؤسس لمبدأ (القبول بالآخر) ثم التصوف الذي يعتمد و
لايبتعد عن المال و السلطة ... مع ملاحظة الرد على أدعياء [ انسنة الإله ] واسكات متونهم المشوهة والمشوشة ، ومع ملاحظة أن بعض طرق التصوف خالفت جذريًا فكرة التوحيد القرآنية فأسست لمفهوم اتباع المريد للشيخ بصورة مرتبكة .. فلا حاجة إلى وسيط بين المسلم و ربه ومن بعدها سنرى التصوف الذي يؤمن بالعلم و منجزاته و بالفلسفة و يرفض الخرافة و الأسطورة و تهميش العقول ... وبالتالي سنرى دور رجل الدين مهيمنًا على الواقع الثقافي ومرشدًا لرجل الحكم وسندًا لمؤسسات الدولة .
عندما قرأت ما قاله الإمام النووي رحمه الله تعالى في رسالته "مقاصد الإمام النووي في التوحيد والعبادة وأصول التصوف": "أصول طريق التصوف خمسة:
1-تقوى الله في السر والعلانية
2-اتباع السنة في الأقوال والأفعال
3-الإعراض عن الخلق في الإقبال والإدبار
4-الرضى عن الله في القليل والكثير
5-الرجوع إلى الله في السراء والضراء"
أدركتُ أننا اليوم بحاجة إلى تفعيل هذه الأصول وإعادة قراءتها ضمن تحديات لحظتنا الراهنة وما ىهذه الأصول الخمسة سوى قيمة تنظيرية بحاجة إلى ما يدعمها واقعًا .. فالعولمة وتحدياتها وتشظي مؤسسة الدولة وهذا التمزق العرقي والمذهبي يدعونا لفهم روح التوصف من جديد ...
إن الأخذ من التراث بصيغة التقليد يجعلنا عاجزين عن التجديد, فالمنهج الصوفي عليه أن يعيد تشكل هوية الإنسان في بعده الغائي والواقع الحياتي, في عصر سادت فيه قيم وتصورات مثل: ( صدام القيم, نمذجة القيم, ما بعد العدمية, فقدان المعنى, تعدد القراءات..)مما جعل هوية الإنسان مهددة في مستواها ومستواها الثقافي, فالتصوف هو السلاح القادر على انقاذ هزيمة الإنسان وإعادته إلى بؤرة الكون كخليفة يؤثث هذا الكون بإيمانه العميق
/
بالغ تقديري ..