عــنــدمــا يــبــكــي الــقــمــر
عندما أحس بدفء وسادتي أدرك تماما أن ليلة كهذه لن تبارحني .. وأن الكرى بعيد المنال وأنني سأستضيف القمر على مائدة ذكرياتي ..
عدت لأنفث عن شمالي ..
ربما هو الأرق .. من يدري ربما أسرفت في تناول المنبهات ,, ؟
أدركت أن الأرق بريء مما وصمته به وأن شيئا ما يئن في صدري ويأبى علي حتى نومي ..
أطل من نافذتي ..
الهدوء يلف المكان ..
لا أصوات .. لا ضوضاء .. لا مارة .. لا أضواء ..
كل شيء ينكفيء في حزن ويبكي بصمت ..
أخالني أصف الآن مايعتمل في صدري ..
أستلقي على مقعدي وبدأت أناملي تداعب لوحة مفاتيحي في عبث معتاد ورتابة مملة ..
في هذه القرية يظهر القمر في أبهى حلله .. وتنساب خيوطه الفضية جذلى تعانق سفوح الجبال ..
في هذه القرية للقمر وجه غير الوجه الذي يراه أهل المدينة ..
ربما أنا أراه اليوم مختلفا عن كل مرة ..
أدير قرص المذياع فيتناثر الموت من كل جانب ..
الإرهاب .. التحالفات .. الاستنكار ، وطاولة المفاوضات العرجاء .. والسلام المخنوق يحتضر ..
أنتفض عن مقعدي قائما في ضجر ..
ربما سأجد في الخارج هواء أنقى ..
ربما سأجيد هذه المرة قراءة القمر ..
ربما سأبثه بعضا مما أجد ..
ربما سأجد رجلا كنت أعرفه يسير في طريقي كصدفة فيلم عربي ممل ..
ربما سيناديني صوت ألفته كثيرا ..
ربما .. ربما .. ويليها ألف ربما ........ ضرب من الجنون أو اللاوعي .. أو اللا إحساس بما حولي ..
لأول مرة أذكرها أنظر إلى القمر في مثل هذا الوقت ..
رأيته يرتل نغما حزينا .. صوته ينبع من صدري ولحنه ذكريات يكسوها التراب ..
تذكرت صغيرتي عندما تواجهني بسؤال لا أجد إجابة له ..
بابا ....... متى تأتي ماما .. هكذا كانت تسأل دارين أباها ..
ألم تقل أن القمر يهبنا كل شيء ... ؟
أجب أيها القمر ..
لوهلة أولى أحسست أن القمر يشاطرني بعض يأسي ..
لوهلة ثانية أدركت أنني أهذي ..
لوهلة ثالثة خلت أنني رأيت القمر يجهش في بكاء مرير .. أنا من وهبه ماء العين .. وأنين البكاء ..
عدت ألملم وجهي بين راحتي ..
أتنفس بعمق .. أنفث كل لحظات الغربة التي تقبع في صدري .. آلام لم تبارحني ..
ألصقت ركبتي بصدري .. أطلب دفئا لم أحسه يوما ..
أيها القمر .. :
يامن لك بعض بؤسي .. أتراك تضيء ليل الموتورين مثلي .. أم أنك تعبث بنقائنا وتهبنا وعودا لاتتحقق .. ؟
أليس هذا جنونا .. ؟