عيناكِ عبلةُ لا تزال مسافرة
تركت مرابعها وهامت حائرة
فتجمًّع الشعراءُ سال قريضُهُم
يبكون عبلةَ بالقوافي النَّادرة
يا بن الكنانة قد أثرت كوامني
للهِ درُّك أنت يا بن القاهرة
أحسنت في نظم القصيدِ وحرَّكت
كلماتك العربيَّ هزَّت خاطره
يا بن العروبةِ هاك غرَّ قصائدٍ
فلعلَّها تشفي الجروح الغائرة
ضجَّت مدائننا وعمَّ ضجيجها
فسمعتُ جعجعةً وصوت مشاجرة
يا ويح عبسٍ بيع سيفُ فتاهمُ
في صفقةٍ مشبوهةٍ هي خاسرة
من للحياضِ وقد ترجَّل فارسٌ
من للجيوش الغازيات الماكرة
من للمساجدِ باكياتٍ حالنا
من لليتامى في ضواحي النَّاصرة
كنَّا رؤوسَ النَّاس أهل مروءةٍ
عشنا كرامًا في العهودِ الغابرة
حتَّى توارى عهدُ عزٍّ وانقضى
وتحكَّمت فينا وحوشٌ كاسرة
فالفارسُ العبسيُّ صارَ مقيَّدا
ومكبَّلاً لا يستطيع مغادرة
فتسابق الأصحابُ كلٌّ يدَّعي
وصلاً بليلى والحبيبةُ نافرة
إن ثارَ عنترُ غاضبًا من حالنا
بالشَّجبِ والتَّنديدِ طيِّب خاطره
إن كان عنترةُ الجسورُ مفوَّها
فجميعُ قومي في الكلام عناترة
ولقد علمتُ من الحصانٍ وحالهِ
يا ويحَ نفسي والحروفُ محاصرة
لو كان يدري ما المحاورةُ اشتكى
ولقال بالصَّوتِ الجهيرِ مؤامرة
قولوا لعبلةَ لن نحبَّكِ بعد ذا
فالحبُّ جُرمٌ والغرامُ مخاطرة
يا ويحَ عبسٍ بل وويحَ قصائدي
ويحَ العروبةِ والعيون الآسرة
صرنا عبيدًا تُستباحُ بلادنا
وخضوعنا لقياصرٍ وأكاسرة
متغزِّلين بأعينٍ عجميَّةٍ
كُشفت محاسنها فبانت سافرة
وعيونُ أمريكا تظلُّ كريهةً
حتَّى وإن كُحلت ستبقى عاهرة
وعيونُ عبلةَ بالدُّموعِ وضوؤها
صلَّت وما نامت ستبقى ساهرة
ستعودُ عبسٌ للمرابعِ ثانيًا
ستعودُ أمواجُ العروبةِ هادرة