شكراً لك أخي الدكتور سمير على مشاركتك شغب كلمتي ،التي شرفني بها هذا المنتدى العتيد والذي جمع نخبة طيبة من الأديبات والأدباء .. شكراً لك أخي الدكتور سمير على أسئلتك القيمة ، إنه اهتمام أعتز به دوماً ..
1 ـــ ما هي مقومات نظرتك للرؤية الإبداعية في مجال الفن القصصي؟
كل مبدع لا يعيش منعزلا عن بيئته ومحيطه ، فهو يعيش بين الناس ، ولكن لم يحدث أن أصبح جميع الناس كتاب قصة .. مع أن كل إنسان يستطيع أن يحكي لك قصة شاهدها أو عايشها في الطريق في المنزل ، في الشارع والمقهى .. /فالاستعداد القصصي خاصية إنسانية يشترك فيها جميع الناس كما يقول الدكتور عز الدين إسماعيل ، لكن كاتب القصة يختلف عن كل إنسان بما يلي :
*ينظر إلى الأشياء الواقعة نظرة خاصة ،فهو لا يقف عند سطح الأفكار والحوادث ،بل يتعمق فيها ويخلع عليها من حسه وشعوره وأفكاره ، وموقفه ..
*يشكلها ويخضعها إلى رؤى عديدة ، جاعلا منها تكوينا خاصاً وفلسفة أخرى .. فما من مبدع إلا ويستقي مادته الإبداعية من الواقع الاجتماعي الذي يعيشه ، فإنه يعود كذلك إلى تأثير العوامل الذاتية والاجتماعية معا ، إن الإبداع يعود بالدرجة الأولى إلى حيوية المبدع وما يتمتع به من خصائص نفسية وعقلية من ذكاء ، وتخيل ، وذاكرة وتوفر الميول الكافية من رغبات وآمال..
* كل مبدع يخزن ويراكم ما أثار اهتمامه في فكره ونفسه ،عندما يريد أن يبدع يلجأ إلى مخزونه الفكري فيغربله ويختار ما يكون له أهمية ، فكثيراً من المبدعين يظنون أن قيمة الحوادث الكبرى هي الصالحة أكثر للقصة .. ولكن القيمة تأتي من أن الكاتب هو الذي يتعمق في الحادث ، ويضفي عليها رؤيته الخاصة وتصوره المتفرد من جوانب متعددة .. سواء كانت الحادثة كبيرة أم صغيرة ..
فالقصة القصيرة لها عناصر من بينها : البنية / اللغة / الصورة / بالإضافة إلى عناصر أخرى بدونها لا يستقيم العمل الأدبي ، فمن خلالها يمكن للمبدع أن يقدم وجهة نظره من خلال تجربته في الحياة .. فهو قد لا يقدم تفسيراً للواقع وإنما يصفه ، فإما أن يكون رافضاً له ، فيقترح البديل مع اقتراح تساؤلات إنسانية كبرى .. وإما أن يقف موقف المؤيد ، وفي هذه الحالة يكون إبداعه مفسراً للحياة .. فلماذا لا يكون كاتب القصة له رؤية خاصة من العالم ومن الحياة تميزه وتشهد له بالتفرد في إبداعه ، مدركاً للأشياء في حقيقتها كما يعيشها وكما تراها عينه الباطنية ، وكما تحس بها نفسه ومشاعره .. لماذا لا يعبر بتلقائية الإبداع وفوضويته عن طريق الحلم والكشف والاستشراف والتخيل ،وإخراج مخزون اللاشعور .. ؟ ومطاردة المجهول والمخبوء في الحياة .. إن المبدع كمن يسرق ناراً ليضيء ليس واقعه فقط بل يضيء ما يسكن ما فوق واقعه .. وأعتقد أن الرؤية الإبداعية قد تبلورت أكثر في الشعر المعاصر ، وفي ظل هدم الحواجز بين الأجناس الأدبية ،ركب القصاصون رؤى إبداعية حديثة مستلهمة من رؤى شعرية ، مما أسقط البعض في الغموض والرمزية المغلقة ....
2 ــــ ما هو تقييمك الشخصي للأداء الثقافي من خلال الشابكة ، وما عوامل النجاح التي تراها كأديب في هذا الجانب؟؟
ـــ إن أهم ما يميز الشابكة هو إتاحة الفرصة لعدد من المبدعين والمبدعات لممارسة الكتابة ، والتعبير عن تجربتهم الإبداعية ..وجعلها أمام أعين القراء للاستفادة من آرائهم وانتقاداتهم .. نجد الكثير بدأ بقصة وهو ينتظر مقياس نجاحها أو فشلها عن طريق تفاعل القراء معها .. وكثيراً من نشروا إبداعاتهم في عدة منتديات ،ولم ينشروها على الورق ، فانسحبوا لأسباب عديدة ..
ــــ على الشابكة أن لا تقتصر على فرصة السماح بالنشر ، بل تضع من بين أهدافها : التقويم ، النقد البناء ، الابتعاد عن الردود الاستهلاكية ، انتقاء النصوص المتميزة ووضعها تحت مجهر نقاد متخصصين ..
ـــ تعددت وتنوعت المنتديات الثقافية ، تنقحت وأصبحت ملاذاً لتفجير طاقات وقدرات إبداعية جديدة ، في محاولة من مبدعين جدد إثبات ذواتهم رغم ما يحسون به من تهميش وإقصاء من الكاتب الكبار .. يقول أحد الباحثين وقد استشهدت بمقولته سابقاً ، يقول الباحث : نستطيع القول ، إن المنتديات الثقافية والأدبية ، هي بمثابة الوعاء الحاضن للمثقفين والأدباء ، وهي الفرصة السانحة لتداول أهم الأفكار والمعارف ،وهي التي توفر للجيل الجديد من المثقفين والأدباء فرصة التعبير عن إنتاجهم الثقافي والأدبي ../
ــــ على الكتاب أن يراجعوا إبداعاتهم جيداً قبل نشرها ، على الأقل يطرح كل مبدع السؤال التالي : ماذا كتبت ..؟ وكيف كتبت ..؟ وهل النص خال من الأخطاء الإملائية والنحوية ..؟ هل طبقت تقنيات السرد وعناصره المتعارف عليها ..؟ فليس كل مكتوب هو قابل للنشر ..وعليهم أن لا يسقطوا في تكرار المواضيع ، مع الاعتناء بالعناوين ، فالعنونة لها أهمية في توسيم النص و تميزه وتفرده ..
أخي الكريم والمبدع المتألق سمير ، دمت لنا قدوة بدون مجاملة ، وأتمنى أن أكون في مستوى أسئلتك الدقيقة والمركزة .. وكان في نيتي أن أعرج على الرؤية السردية مع إنجاز تطبيقات حولها .. وإلى فرصة أخرى إن شاء الله ..
دمت بخير ، محبتي وتقديري ..
الفرحان بوعزة ..