|
ويسألونك عن حرفي وقد ذابا |
في ظلِ قافيةٍ تجترّ أوصابا |
فقلْ سأتلو لكم من أمرهِ خبراً |
فأرهفوا السمعَ تأييداً وإعجابا |
هذا المسجّى على الأوراقِ نبضُ فتىً |
تجرّعَ الفقد من جنبيهِ أنخابا |
منحتُ مهجتَهُ من حزنها سبباً |
فأتبعتْ عينهُ بالدمعِ أسبابا |
ظننتُ أن الهوى يوماً سيُلهمهُ |
شعراً يقيّدُ أرواحاً وألبابا |
ما كنتُ أعلمُ أني سوف أُرهقهُ |
لكنّ ظني بهِ مذ أن شكا خابا |
مهلاً معذبتي مازال بي رمقٌ |
قد ألبس الروحَ بالأحلامِ جلبابا |
سأعبرُ الأرض من عينيكِ ممتطياً |
ظهر القصيدةِ إيجازاً وإطنابا |
وسوفَ أتبع في درب الهوى أملي |
ولن أعقّبَ للواشين مرتابا |
حتى أرى الشمس تدنو نحو مغربها |
في مقلةٍ أحرقتْ بالدمعِ أهدابا |
هنالك ائتلفتْ أرواحُ من عشقوا |
فشيّدوا للهوى صرحاً وأنصابا |
وقُيّدَ العاذلُ الباغي بحوبتهِ |
وخابَ من لامنا في الحبِ واغتابا |
يا حارسَ الحب إما أن تعاقبهم |
أو تمنحِ العفوَ إكراماً لمن تابا |
فقال سامحتهم حباً ومكرمةً |
إنّ المكارمَ تُعْلي الحرَ أحسابا |
تركتُ أهل الهوى من حول صومعتي |
ورحتُ أبحثُ عن خلي الذي غابا |
حتى مررتُ بعشاقٍ لهم مهجٌ |
قد أرهفتْ بالهوى نبضاً بها انسابا |
كأنّ عاشقَهم أضلاعهُ نُزعتْ |
عن قلبهِ بعدما كانت له بابا |
لواعجُ الحبِ صُبتْ في جوانحهِ |
فأصبحتْ عينهُ للحزنِ مزرابا |
تركتهُ والأسى يكوي حشاشتهُ |
والدمعُ ينسابُ في خديهِ سكّابا |
قد كنتُ أحسبُ أني في الهوى ملكٌ |
فلا أرى أبداً في الناسِ أترابا |
لولا وجدتُ بأرضِ الصمتِ طائفةً |
قلوبهم أصبحتْ للحبِ سردابا |
كأنّ أعماقَهم كهفٌ به كُبتتْ |
مشاعراً حاصرتها عينُ من عابا |
الحبِ في عرْفهم عارٌ ومنقصةٌ |
ولعنةٌ لطّختْ بالإثم أنسابا |
صرختُ بالقومِ هل من عاشقٍ دنفٍ؟ |
أم أصبح الناسُ أحجاراً وأخشابا؟ |
قالوا وقد مُلئتْ حباً جوارحهم |
يا ذا الغريقين ما أنصفتَ أحبابا |
لنا قلوبٌ بنار الحبِ قد نضجتْ |
وأعينٌ طرفها من دمعها شابا |
فهل تساوي محباً يحتسي ألماً |
بعاشقٍ يحتسي شهداً وعنّابا |
يا ذا الغريقين أدرك فتيةً فُتنوا |
بعاذلٍ سامهم بالسوءِ أحقابا |
وما الغريقان إلا مهجةٌ نزفتْ |
و مقلةٌ نسجتْ بالدمعِ أثوابا |
ترى المدامع فوق الخد تحسبها |
نوارساً حلقتْ في الجو أسرابا |
وفي الفؤادِ جراحٌ أرسلتْ حمماً |
قد أوجبتْ شقوتي في الحب إيجابا |
مزجتُ دمعي ونزفي وسط محبرتي |
وبتُّ أنفثُ فيها كل ما طابا |
حتى إذا ما استوتْ أصدافُ ذائقتي |
أفرغتُ شعراً قويمَ السبكِ خلابا |
أعيا الوشاةَ وأرضى كل ملهمةٍ |
وعاد يحملُ أنواطاً وألقابا |
كل القصائدِ تبيانٌ لقافيتي |
إذا اجترحتُ بياناً صار محرابا |
تطوفُ حولَ خيالي كل سانحةٍ |
فلا أبالي بمن ولّى وما آبا |
ألملمُ الصمت في كفي فأُنطقه |
وأُخرسُ الدهشةَ الهوجاء إسهابا |