غضبٌ تمردَّ في الفؤادِ فثارا
في ظلمةِ الليلِ البهيمِ وحارا
في كلِّ قطرٍ رُدِدَتْ أصداؤُه
حتّى غدا للتائهيـنَ منـارا
هذي ديارُ الخيرِ باتت ملعباً
للعابثينَ وللطغـاةِ جَهـارا
سكنتْ عهوداً في دياجيرِ الدُّجى
وتجرَّعتْ مرَّ الجوى أطوارا
قد نالَ منها كلُّ كلبٍ وطـرَه
وتسربلتْ عفنَ السنينِ دثارا
فاغرورقتْ فيها الورودُ بدمعِها
وتبدَّلتْ فيهـا الجنانُ قفـارا
حتّى تبدَّتْ في السماءِ بوارقٌ
حلَّ الربيعُ يداعبُ الأزهـارا
وتجدّدَ الأملُ الكبيرُ لأمـةٍ
ذاقتْ على مرِّ العقودِ تبارا
رقصتْ عصافيرُ الصَّباحِ تَهَلُّلاَ
بالنّورِ أقبلَ والظلامِ توارى
لكنَّ غربـانَ الأنامِ بأسرِهـا
ضاقتْ بشمسٍ قدْ تضيءُ نهارا
حزمَ الطغاةُ أمورَهم وتشبَّثوا
بالغدرِ سيفاً والدهاءِ ستارا
دفعوا جيوشَ الخِزيِ تقتلُ حلمَنا
لم يعرفوا إلا الصَّغارَ قرارا
وتبدَّلَ الحلمُ الجميلُ مرارةً
وتحدَّرَتْ منا الدِما أنهارا
ظنّوا بأنَّ البطشَ يوهنُ قلبَ منْ
يغشى المنيَّةَ طائعاً مختارا
شلَّتْ يدا نذلٍ يريقُ دماءَنا
ويعيثُ في أرضِ الكرامِ دمارا
لا لن نعودَ إلى الحظائرِ رُكَّعاً
فالنصرُ أضحى في القلوبِ شعارا
لن نستكينَ لظالمٍ متغطرسٍ
حتّى وإنْ غدتْ الدماءُ بحارا
وسيشهدُ التاريخُ أنَّ أسودَنا
سطروا بِطُهرِ دمائِهم أسفارا
والذئبُ لو أبدى بوادرَ طيبةٍ
يبقى لئيماً ماكــراً غدّارا
يا عصبةَ الأشرارِ لا بشرى لكم
فاليومَ تُزهِرُ أرضُنا نُوّارا
وغدا سيورقُ بالنَّضارةِ دَوْحُنا
عمّا قريبٍ نقطفُ الأثمـارا