بسم الله الرحمن الرحيم
توطئة لابد منها
أكثرهم ولوجا عبر بابي ، و أطرقهم له . يأتيني سائلاً مرة و مستعيناً أخرى ، و كأنه بات يرى فيّ مَعْلماً يهديه سبيل الحب ، إنه أخي الصغير .
جاءني يستنصحني و قد ضاقت به و بزوجه بعض السبل ، و خشيا فرقة المشاعر و تمزق الأوصال . و لقد رأيت ما تكاتباه زمنا حول الحقوق و الواجبات ، فكتبت لهما أسطري التالية تقريباً و حثاً و تذكيراً :
غير أني وجدت أن الأمر قاصر ، و الصبر لا تكفيه قطيرات ندى صباحية ليزهر شذياً ، و إني أسلبه لبه إن اكتفيت بما كان من حبر مسطّر ، و أفقدت الحب حسه إن ارتويت بما سلف من حرف محبّر .جميل ما كتبتما ، و لكن هل نستطيع تنفيذ ذلك على أرض الواقع ؟
هل يستطيع الزوجان الاحتفاظ بالحب و بقاء المودة في ظل ظروف الحياة الصعبة و مشاكلها المستمرة ؟
و كيف يستطيع الزوجان تخطي مراحل الخطر و أوجاع الخصام ؟
لو عدنا لكثير من تجارب السابقين و الأزواج الناجحين لوجدنا الكثير و الكثير مما قد يفيد هنا :
الصبر : فلو ملك الزوج و ملكت الزوجة قدراً كبيراً و كبيراً جداً من الصبر على الشريك لهانت كثير من الصعاب و تخطى جلّهم العظيم من العقبات .
و لا يقتصر الصبر على ظروف الحياة المعيشية ، و الأمور المادية فقط ؛ بل الصبر على أخلاق الشريك الآخر و طباعه ، فمن أهم دواعي الحب أن يصبر الحبيب على من يحبه ، يصبر عند غضبه و تجهمه ، يصبر على رغباته و حاجاته ، يصبر متى كان الحزن و الألم .
الصبر من أعظم أسباب النجاح في العلاقات البشرية ، و الحق أنه أكبر الدلائل على الحب ، فأي شيء يجعلك تصبر على ابنك أو أخيك أو صديقك ؟؟ هو الحب . أليس شريك الحياة هو أولى و أحق الناس بالصبر عليه و تحمل ما ساء من خلقه و كلنا نملك من سوء الخلق الكثير !!
إذا كان الصبر دليل عظيم على الحب فما أجدر أن نمنحه من نحب ، بكل أريحية نفس بلا منّ و لا فضل ، و إذا كان الحب الصادق هو الحب الخالي من الشروط ، فليكن صبرنا على من نحب خالياً من المنّ و الأذى و الشكوى ، أي ليكن صبرنا صبراً جميلاً بلا من و لا شكوى .
ثم أني خبرت أي شيء يكون الحب ؛ مشاعر صبورة رقيقة دقيقة . فعزمت على الحديث عن الصبر الجميل حديث نفس لذاتها ، فنفسي أكثر الأنفس حاجة لتعلم الحب و أفقرها لممارسة الصبر الجميل .
و العذر إن كنت وضعت " صبري الجميل " في دوحة النثر ؛ ذاك أنها الأقرب إلى نفسي ، و لعلمي أني لا أتقن الكتابة الموضوعية إتقاني الكتابة الأدبية .
و سيكون حديثي متتابعاً ؛ كلما جاد قلمي ، و أزهرت أفانين الصبر في داخلي حباً .
أسأل الصبور صبراً لا ينفذ و حجة لا تبلى .