رحيق النّصرِ
رحيقُ النّصرِ في كفِّ الخطوبِ
ودون مَــــــذاقهِ لسعُ الحروبِ
وثوبُ العـــزِّ تَنسجهُ الضّحايا
وليس يَخيطهُ طـــــولُ النَّحيبِ
ويَبلى بالتَذلل للأعــــــــادي
كثوبِ الصــــوفِ يَبلى بالثقوبِ
وشمسُ الشّعب تُشرقُ ما أغاروا
فـــــإنْ قعَدوا اسْتناختْ بالمغيبِ
هي الحــــرّيةُ الحسناءُ قالت
خُلقتُ لحُضن أصحــابِ الندوبِ
فـــلا تسألْ عنِ اسمِي بينَ قومٍ
تضَاموا حــــولَ غانيةٍ طروبِ
وخُضْ إنْ تَبْغني دربَ المنايا
فلا تسلكْ ســـــواهُ من الدّروبِ
فمَهري ثـــــورةٌ ودمٌ ونارٌ
ولم أُخلقْ لخـــــــوّار نخيبِ
فحيّ إليّ حيّ على جــــهادٍ
يكــــــونُ ختامهُ لقيَا الحبيبِ
وسُحقا إنْ رَكنتَ إلى صغارٍ
فما لك فــي السّعادةِ من نصيبِ
فلم يُنعمْ بدفءٍ دون نارٍ
ودُون الحَفر بالمــــاءِ الشروبِ
سلامُك في رباطِك بالليالي
فلا يغررْك تأميلُ الكــــــذوبِ
فمنْ ألِفَ السلامةَ كلَّ يومٍ
يُروّع حينَ يُبلى بـــــالكروبِ
ومن رضعَ المصائبَ في صباهُ
تسَلّى بالبليّةِ فـــــي المشيبِ
فمــا حُرم الهزبرُ لذيذَ صيدٍ
ومـــا سلمَ الحمارُ من الركوبِ
ومــا عِيبَ الجهادُ على عزيزٍ
ومـــا حُمدَ الجبانُ على هروبِ
أخُو العلياءِ يشربُ من مُضاضٍ
ويـرفعُ هــامَة الوطن السليبِ
ويشريهِ الخسيسُ ولا يبالي
بكــــــأسٍ عند فاجرةٍ لعوب ِ
فلا تعجبْ إذا وطنٌ تهاوَى
فأعجبُ منهُ أُهـْـــويَةُ الشعوبِ
إذا حكمَ البلادَ سليلُ رجسٍ
تـــــــوضّأ مُترَفُوها بالحليب ِ
وإنْ رَضي السَراةُ بحكم جورٍ
فبطنُ الأرضِ أفـــضلُ للأريبِ
فليسَ على اللئيم نقيرُ لوم ٍ
إذا رضيَ الكــريمُ بصاع ِحُوبِ
لَشُربُ الشّهدِ في أكنافِ ذلٍّ
أشــــــقُّ عليَّ من لفحِ اللّهيبِ
فلا تيأسْ إذا ما اشتدَّ قهرٌ
نهايةُ كــــــــلِّ ليلٍ للشّحوبِ
وقاومْ ما استطعتَ ولو بأفٍّ
فمـــــاءُ السّيلِ من قطرٍ نضوبِ
فمن لمْ ينزعِ العزَّ انتزاعاً
يعشْ عبداً ويُنعتْ بــــــالعيوبِ
هي الأوطانُ ترفعُ في سماهَا
بنيهَا من شمـــــالٍ أو جنوبِ
ومن يهجرْ يعشْ عيشا ذميمًا
ولـــــو غنّى وصلَّى للصليبِ
فليسَ كنسمةِ الأوطان عطرٌ
ولا طبٌّ لأدواءِ الـــــــقلوبِ