وَالدَّوَاةُ جَمْعُهَا دَوِيَّاتُ فِي الْعَدَدِ الْقَلِيلِ, وَكَذَا قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ، وَفِي الْكَثِيرِ دُوِيٌّ بِضَمِّ الدَّالِ وَيُقَالُ بِكَسْرِهَا وَدِوِيٌّ وَدِوَايًا. وَيُقَالُ : أَدْوَيْتُ دَوَاةً إِذَا اتَّخَذْتُهَا, وَقَدْ دَوِيَ الدَّوَاةَ أَيْ عَمِلَهَا فَهُوَ مُدْوٍ مِثْلَ مُقْنٍ لِلَّذِي يَعْمَلُ الْقَنَا. وَيُقَالُ لِمَنْ يَبِيعُهَا: دَوَّاءٍ مِثْلَ تَبَّانٍ لِلَّذِي يَبِيعُ التِّبْنَ, وَاَلَّذِي يَحْمِلُهَا وَيُمْسِكُهَا دَاوٍ وَمِثْلُهُ رَامِحٌ لِلَّذِي يَحْمِلُ الرُّمْحَ.
وَاشْتِقَاقُ الْمِدَادِ مِنْ الْمَدَدِ لِلْكَاتِبِ , وَهِيَ جَمْعُ مِدَادَةٍ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ .
قَالَ الْفَرَّاءُ (وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الْكُوفِيُّ، تُوُفِّيَ سَنَةَ تِسْعٍ وَمِائَتَيْنِ) : إِنْ جَعَلْتَ الْمِدَادَ مَصْدَرًا لَمْ تُثَنِّهِ وَلَمْ تَجْمَعْهُ, وَيُقَالُ: أُمِدَّتْ الدَّوَاةُ إِذَا جَعَلْتَ فِيهَا الْمِدَادَ؛ فَإِنْ زِدْتَ عَلَى مِدَادِهَا قُلْتَ: مَدَدْتُهَا. وَاسْتَمْدَدْتُ مِنْهَا أَيْ أَخَذْتُ؛ فَإِنْ أَخَذْتَ مِدَادَهَا كُلَّهُ قُلْتَ: قَعُرَتْ الدَّوَاةُ أَقْعَرُهَا قَعْرًا.
وَاشْتِقَاقُهُ أَنَّكَ بَلَغْتَ إِلَى قَعْرِهَا, وَقَدْ سُمِعَ أَقْعَرْتُ الْإِنَاءَ إِقْعَارًا إِذَا جَعَلْتُ لَهُ قَعْرًا. وَإِذَا أُلْصِقَ الْقُطْنُ يَعْنِي أَوْ غَيْرُهُ بِالدَّوَاةِ فَهُوَ لَيْقَةٌ, مُشْتَقٌّ مِنْ قَوْلِهِمْ: مَا يَلِيقُ فُلَانٌ بِقَلْبِي أَيْ مَا يَلْصَقُ بِهِ. وَيُقَالُ: أَلَقْتُ الدَّوَاةَ إِلَاقَةً, وَلِقْتُهَا لَيْقًا وَلُيُوقًا وَلَيَقَانًا إِذَا أَلْصَقْتُ مِدَادَهَا, وَقَدْ أَنْعَمْتُ لِيقَةَ الدَّوَاةِ إِنْعَامًا أَيْ: زِدْتُ فِي لَيْقِهَا. وَأَنْعَمَ الشَّيْءُ إِذَا زَادَ, وَمِنْهُ الْحَدِيثُ {وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْهُمْ وَأَنْعَمَا} أَيْ : زَادَ عَلَى ذَلِكَ.
وَمِنْهُ سَحَقْتُ الْمِدَادَ سَحْقًا نَعَمًا، قِيلَ لِلْفَرَّاءِ : لِمَ سُمِّيَ الْمِدَادُ حِبْرًا؟ قَالَ: يُقَالُ لِلْعَالِمِ: حَبْرٌ وَحِبْرٌ، وَإِنَّمَا أَرَادُوا مِدَادَ حَبْرٍ، فَحَذَفُوا مِدَادًا، ثُمَّ جَعَلُوا مَكَانَهُ حِبْرًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ}.
وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ : لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ إِنَّمَا هُوَ لِتَأْثِيرِهِ عَلَى أَسْنَانِهِ حَبْرَةٌ يُقَالُ: إِذَا كَثُرَتْ فِيهَا الصُّفْرَةُ حَتَّى تَضْرِبَ إِلَى السَّوَادِ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: وَأَنَا أَحْسَبُ أَنَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ حِبْرًا؛ لِأَنَّهُ تُحْبَرُ بِهِ الْكُتُبُ.