أولاً : أعتقد أنك إذا قمت إلى الصلاة فإنما تقوم بين يدي الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ويعلم ما توسوس به نفسك ، وحينئذٍ حافظ على أن يكون قلبك مشغولاً بصلاتك، كما أن جسمك مشغول بصلاتك، جسمك متجه إلى القبلة إلى الجهة التي أمرك الله عز وجل فليكن قلبك أيضاً متجهاً إلى الله . أما أن يتجه الجسم إلى ما أمر الله بالتوجه إليه ولكن القلب ضائع فهذا نقص كبير، حتى إن بعض العلماء يقول: إذا غلب الوسواس ـ أي الهواجس ـ على أكثر الصلاة فإنها تبطل ، والأمر شديد .
فإذا أقبلت إلى الصلاة فاعتقد أنك مقبل على الله عز وجل .
وإذا وقفت تصلى فاعتقد أنك تناجي الله عز وجل ، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إذا قام أحدكم يصلي ، فإنه يناجي ربه )) رواه البخاري .
وإذا وقفت في الصلاة فاعتقد أن الله عز وجل قبل وجهك ، ليس في الأرض التي أنت فيها، ولكنه قبل وجهك وهو على عرشه عز وجل ، وما ذلك على الله بعسير، فإن الله ليس كمثله شيء في جميع صفاته ، فهو فوق عرشه ، وهو قبل وجه المصلي إذا صلى ، وحينئذٍ تدخل وقلبك مملوء بتعظيم الله عز وجل ، ومحبته ، والتقرب إليه .
فتكبر وتقول : الله أكبر .
ومع هذا التكبير ترفع يديك حذو منكبيك ، أو إلى فروع أذنيك .
ثم تضع يدك اليمنى على يدك اليسرى، على الذراع، كما صح ذلك في البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال : (( كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة )) رواه البخاري .
ثم تخفض رأسك فلا ترفعه إلى السماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة " رواه البخاري .
واشتد قوله في ذلك حتى قال : (( لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم )) رواه البخاري ومسلم .
ولهذا ذهب من ذهب من أهل العلم إلى تحريم رفع المصلي بصره إلى السماء، وهو قول وجيه جداً لأنه لا وعيد على شيء إلا وهو محرم .
فتخفض بصرك وتطأطيء رأسك لكن كما قال العلماء : لا يضع ذقنه على صدره ـ أي لا يخفضه كثيراً ـ حتى يقع الذقن وهو مجمع اللحيين على الصدر بل يخفضه مع فاصل يسير عن صدره .