نصر قريب
أآلم من سيوف الحقد لمّا
تقطّع في مقاتلها تُصيبُ ؟
أآلم من سهام الغدر لمّا
تلي في الظّهر يطعنها القريب ؟
أتدري أيّ آلام يجدها
إذا حرّ السّموم بها يجوبُ؟
أتدري أيّ حرقته يعاني
إذا رقصت لمصرعه الكعوب؟
أنا ألمي أشدّ وألف كلّا
أنا الصّدّيق يصفعه الكذوبُ
أنا المظلوم يشنقه مدانٌ
وربّ البيت يطرده الغريب
أنا شرفٌ يدنّسه السّكارى
وعبد الله يغلبه الصّليب
فكيف النّوم والآهات حولي ؟
وآلامٌ وأهونها رهيب
وكيف يطيب طعم العيش يوما
وفوق الأرض قد ضاق الرّحيب
فدين الله أصبح كلّ علجٍ
له من حرب عصبته نصيب
فأصبح فوق غربته غريبا
وعاداه المُعَرّب والعَريب
ولولا الله والوعد المُجلّى
بآي الذّكر لانقطت قلوب
فنطلب نصره مِن أين يأتي
وقد سُدّت بأجمعها الدّروب؟
ولكنْ إنْ يغيب النّصر يوما
فليس النّاصر الأعلى يغيب
هو الحيّ الّذي خلق البرايا
سميعٌ قاهرٌ ملك مجيب
نواصي الخلق في يده وكلّ
ضعيف تحت سلطته منيب
فمن نجّى سفين الدّين قبلا
من الألواح مَصنعُها عجيب؟
ألم يُغرق جميع الأرض لمّا
دعا نوح وأجراها تجوب؟
ونجّى المؤمنين . وتلك عاد
ألم تُهلكهم الرّيح الهَبوب؟
ألم يهلك ثمود إذا تعدَّوا
فما نفع الصّراخ ولا النّحيب؟
وصبّح قوم لوط في عذاب
فهل كانوا إذا حلّ الغروب؟
فنكّس أرضهم نُكسوا وخابوا
وصاحوا يصرخون فلا مجيب
ألم يفلق عظيم البحر لمّا
دعا موسى ويطلبه الغضيب
عصى فرعون ربّ العرش كِبرا
فأُهلك بالعصا . يا قوم توبوا
ألم يولي رسول الله فتحا
ونصر الله يشهده القليب؟
فآمن روعه من بعد خوف
وهذا العزّ ترسمه الحروب
وأعطى المؤمنين كنوز كسرى
وإن تسأل سراقة من يجيب
أتذكر غزوة الأحزاب لمّا
تطاير من مخاوفها قلوب
وقد بلغت حناجرهم فجاءت
رياح النّصر يتبعها الكتيب
فثق بالله وتوكل عليه
فليس الله يلحقه لغوب
إذا ما شاء في الأقدار أمرا
فإنّ الله قهّار غلوب
فكنْ ويكون والله المنجّي
فلا تيأس إذا حلّت كروب
سينجز وعده لو بعد حين
ونصر الله موعده قريب
من أشعار أبو الطّيب الطبري