أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: قصة قصيرة بعنوان "عائد من الحياة" للأديب موسى نجيب موسى

  1. #1
    الصورة الرمزية موسى نجيب موسى قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    المشاركات : 72
    المواضيع : 33
    الردود : 72
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي قصة قصيرة بعنوان "عائد من الحياة" للأديب موسى نجيب موسى

    عائـد من الحيـــاة
    قرر دون سابق إنذار أو تفكير أن يخوض التجربة بكل مراحلها.. لم يشأ أن يخبر أحد من معارفه أو أصدقائه أو أقربائه. حتى زوجته التي لم يخف عنها شيئاً لم يشأ أن يخبرها عما انتوى على ما يريد أن يقوم به.. في نهار أغسطس قائظ.. قطع الطريق الطويل المترب تحت الشمس اللافحة والتراب الساخن.. حافياً كان.. هكذا أراد أن يكون عند ذهابه لشراء الأقمشة اللازمة لذلك.. نفس الطريق المؤدي للجبانات والذي قطعه مراراً وتكراراً كلما مات له صديق أو قريب أو عزيز أو حتى شخص يعرفه لمجرد المعرفة.. وصل إلى محل الأقمشة.. لم يشأ أن يبدد الوقت في تفسير مقنع لنظرات بائع الأقمشة التي كادت أن تنهش قدميه العاريتين...ولأنه يجهل الكثير في مثل هذه الأمور فقد طلب من البائع أن يقص له قطعة قماش تكفي لتكفين شخص في مثل سنة وحجمه.. عندما تقدم له صاحب محل الأقمشة بواجب العزاء طفرت دمعة ساخنة من عينيه وعندما فاجئه بائع الأقمشة بأن المتوفى قد يكون قريباً جداً من نفسه علق في عجل من بين دموعه المنهمرة:-

    جداً.. جداً.

    أخذ الأقمشة اللازمة وتوجه بعدها إلى "متري" خياطه المفضل وطلب منه أن يقوم بتفصيل الكفن عليه تماماً. أندهش "متري" من طلبه لأنه يعرفه جيداً ويعرف جميع أفراد عائلته وإنه يعلم تماماً أن أحداً لم يمت منهم حتى لحظة مجيئه إليه قال له:-

    لن أستطيع أن أقول لك البقية في حياتك.

    ولم لا تقول؟!!!

    لأنه لا توجد أي حالة وفاة في عائلتكم.

    ومن أدراك؟

    تعجب "متري" من كلامه ولم يشأ أن يأخذ منه أجر التفصيل. وعندما هَّم بالرحيل ألقى "متري" خلفه بكلمات التعزية الحارة والأمنيات بإغداق الله رحمته الواسعة على المتوفى.. فتح باب منزله خلسة حتى لا يوقظ أحداً وأخذ يتسحب على أطراف أصابعه حتى وصل إلى الحمَّام.. حلق ذقنه جيداً وبعدها أخذ دُشاً ساخناً.. ارتدي الأقمشة البيضاء.. وقف طويلاً أمام منظره المدهش المنعكس أمامه على المرأة المشروخة إثر إحدى المشاحنات النادرة التي كانت تحدث بينه وبين زوجته التي يحبها.. تمنى كثيراً أن يرى هذا المنظر.. كانت تدفعه رغبة دفينة داخله دفعاً لذلك...هجمت على جسده رعشة غريبة وشعر بأن جسده أخذ يتخلص من شحومه الكثيرة شيئاً فشيئاً حتى خف وزنه جداً وأخذ يحلق في الجو ويطير في سماوات بيضاء لا نهاية لها، ويقابل كائنات نقية كالبلور لا وجه لها ولا أقدام بل كل جسدها أجنحة تطير بها.. عندما حط على الأرض ثانية أغرق جسده بعطره المفضل والذي كانت زوجته تشتريه له دائماً في احتفالات عيد ميلاده.. بعدها تمدد بملابسه الجديدة إلى جوار زوجته.. في الصباح حاولت زوجته كعادتها إيقاظه لكي يذهب إلى عمله لكن.. جسده البارد لم يستجب لمحاولاتها المتكررة.

  2. #2
    أديب وناقد
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : بعلبك
    المشاركات : 1,043
    المواضيع : 80
    الردود : 1043
    المعدل اليومي : 0.16

    افتراضي

    أخي العزيز موسى نجيب موسى
    سرد ماتع و لغة رشيقة تمسك بيد القارئ حتى الكلمة الأخيرة
    كثيرة هي القصص التي يستحضر أبطالها ملك الموت فيأتيهم .
    ربما هو الحاسة السادسة أو حسن تقدير الباري عز و جل .
    دمت في خير و عطاء

  3. #3

  4. #4
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    موسى نجيب...

    في عمليات الخلق الابداعي يبحث القاص وما عن سبيل يوصله الى فك رموز الواقع بشفيرة نسميها المضمون..والمضمون يبحث دائما عن الطريق الذي يلجه عبر الالفاظ والاجواء..ويسهل مهمته لطرق باب الحقيقة..والكاتب..او القاص..يطلق نبوءته ليغوص في عالم روؤى حتى يقف عند المدخل.. ولان المعاني في هذه الحالة تكون نوعا من الاستدرباك العقلي..فانها تخلق حالة من اتساع آفاق العالم الذاتي وامتداد حدود معرفته بحيث تصبح الذات معها في موقف لاتخضع فيه لمعطيات وتنقاد في ادراكه الى احلامه واشكاله الظاهرة بل امسى بامكان الذات ان تتخطى ادراكها الشكلي والمنطقي الطبيعي لتقوم بادراك كنه الاشياء وجوهرها بحسب ما تتصوره الذات عن حقيقة الموضوع..اي اصبح بامكان الذات ان تصوغ للاشياء الموضوعية حقائق داخلية تجريدية تتغاير شكلا..وقد تتناقض مع الحقائق المأثورة للاشياء الموضوعية في وجودها التقليدي عن طريق الحواس والادراك الاصولي المنطقي لها..ومن خلال هذه الصياغة تتجلى للكاتب الرؤى الداخلية للذات والخارجية..فيصبح عملية استحضارها امرا عاديا لديه..وقما نجد في الادب الشرقي مثل هذه الحالات..التي تقوم على استحضار القوى الخفية للكاتب من صياغة عمل ادبي ..واذكر هنا كتاب كولن ويلسون الانسان وقواه الخفية..حيث فيه يبرز هذه السمة لدى الانسان..وفي قصة عائد الى الحياة وجدت بان الحالة الذاتية..النفسية..للشخصية الاساسية فيها.. تكمن في رؤياه النافذة.. وحالة من اتساع مداركه..بحيث ظهرت علامات النهاية لديه منذ ان فكر بنزع الحذاء والسير حافيا.. وما الاحداث التي تلي ذلك الى دليل على انه استطاع من خلال قواه الخفية..استدراك الاحداث وألم بها..لذا...لم تكن النهاية الا صورة لما اراده هو..او كما توقعها هو...؟
    عمل ادبي يستحق الاحترام
    جوتيار

المواضيع المتشابهه

  1. قصة قصيرة بعنوان " صمت الكاهن" للأديب موسى نجيب موسى
    بواسطة موسى نجيب موسى في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-06-2013, 08:24 PM
  2. قصة قصيرة للأطفال بعنوان " شجرة التوت" للأديب موسى نجيب موسى
    بواسطة موسى نجيب موسى في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 15-06-2006, 08:15 PM
  3. قصة قصيرة بعنوان " ليل أبدى" للأديب موسى نجيب موسى
    بواسطة موسى نجيب موسى في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 12-06-2006, 02:07 PM
  4. قصة قصيرة للأطفال بعنوان " النحلة الكسول" للأديب موسى نجيب موسى
    بواسطة موسى نجيب موسى في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-06-2006, 11:05 PM