ربما كان أقسى يوم في حياتي ، لكنه كان كذلك اليوم الذي فجر شرارة الأدب في صدري .
كان اليوم الذي نبذت إليَّ فيه ، فكأنها طعنتني بألف سكين في قلبي و تركتني أنزف وحيداً .
كان أول يوم في رمضان ، لكنني بدل أن أتناول طعام الإفطار بعد أذان المغرب لجأت إلى أوراقي فخططت عليها هذه الكلمات لتعبر عن نفسي التي تمزقت يومها تمزيقاً ، و تطايرت أجزاؤها كخفافيش صغيرة تحلق في الفراغ.
صحيح أن الحياة تبدلت لدي من بعد ، و جددت هي ما كان بيننا بعد قريب من سنة ، إلا أن شيئاً لم يستطع أن يمحو ذلك اليوم من مخيلتي ، و لا أساه من قلبي ، و لا سيما أن هذه الوثيقة منه لا تزال في أوراقي ، و أن أشياء كثيرة قد تغيرت بسببه في نفسي ، فكان حقاً اليوم الأهم في عمري كله ، و ربما كان هذا النص كذلك الأهم في حياتي كلها .
هكذا قدري
هكذا قدري .....
أن أقيم بين مأساة و مأساة ، لا ترحل عني واحدة حتى أُبتلى بثانية أكبر منها و أشد قسوة ، و لا يسكن قلبي من مصيبة حتى تطرقه أخرى أكثر مرارة منها، أقضي عمري بين ألم هناك و تمزق هنا ، و بين حزن هنا و فجيعة هناك ، لا أكاد أغمض عيني على مرأى السعادة حتى يدهمني شعور الخيبة فيهدم فيَّ ما كانت قد بنت ، و يذرني قاعاً صفصفاً .
كنت أتقوى على كل أمر و أصبر و أكابر ، و أتعزى بشيء جديد ، فما تلبث الأيام حتى ينالني من هذا الجديد الذي تخذته عزاء لي و سلواناً ألم جديد و حزن أكبر مما كان من سابقه ، أفكتب عليَّ أن أعيش تعيسًاً شقياً لا تعرف السعادة لي باباً ولا أرى نور الأمل يشع لي من خلف جدار ، أكتب علي أن أبقى أترقب الآتي و لا يأتي ، و أن أداعب آلامي و أحزاني و أحملها علِّي أحظى منها بما يخفف عني وحشتي و كآبتي .
لاأقوم من أزمة حتى أقع في أخرى ، ولا أنتظر الفرحة لأني أعرفها غير غير آتية ، لا أنتظر إلا بصيص نور ، بصيص نور صغير في ظلمة هذه الحياة التي اعتادت أن تقابلني مدبرة لا مقبلة .
الضياع و الهم و التشتت و خيبة الأمل حالي الآن ، كلها اجتمعت في شخص إنسان لم يعرف الفأل الحسن طريقاً إليه مذ صرخ صرخته الأولى مستقبلاً الحياة .
أيها القدر .......هل تخبئ لي خيراً مما أنا فيه ، أم إن علي أن أقضي بقية عمري كما قضيت ما سلف منه .......
كتبت عقب أذان المغرب في
1 - رمضان – 1427
24 - أيلول - 2006