صلاة
بروح الأديب الكبير / فؤاد المحنبي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم,
امتلأت الساحة الشعرية الأدبية في بلادنا بالشعراء الشباب منهم المجيدون بحق ومنهم غير ذلك ولكن من المجيدين أيضاً من يسبحون على أمواج أصيلة في بلادنا, فلا تكاد تميّز شعراً من شعر, أو موجة من موجة, وفي مثل تلك الأجواء الأدبية العاصفة فإن الساحة الأدبية الإبداعية -في الحقيقة- تفقد شاعراً ولا تكتسبه وفي الجانب الآخر هي تؤصّل للموجة الشعرية بالريادة والسبق, ولكنني أكاد أجزم بأن أخي الشاعر المبدع محمد نعمان الحكيمي, يأتي اختلافاً واستثناءاً لا يوميء إلا إلى نفسه وقدراته الشعرية الإبداعية المبتكرة :
مـــاذا سأحمل مـــن شجون الرائي = والحزن ممتلئ لبابي النائي
قَــــدَرٌ مــن الـغـوغــاء فــــي أيـقـونـتـي = مـنـذ انكـسـار الصـمـت فـــي أرجـائــي
يـبـدو انسيـابـي فــي الخـيـال قصيدة = مـحفوفة برواية بـــلــــهــــاءِ
فــوق الـخـيـال و فـــوق كـــل تـصــورٍ= مـــا فـــي يـــدِ الـوجــدانِ مـــن أشــيــاءِ
هو هكذا يرى ضرورة حتمية في أن يختلف وألا يمثّل إلا نفسه , وحين يحاول المبدع أن يمثل نفسه بحق فلا بد أن يسأل نفسه ما الذي أريد قوله ؟ ولا يكون سؤاله –أبداً- ما الذي كان يريد قوله هذا الرمز الإبداعي أو ذاك؟ فقد صدقت عبارة لأخي وأستاذي أحمد رسام حيث قال يظل المبدع طالما كان يشعر أنه في احتياج لأن يقول شيئاً, فإذا بدأ يشعر أنه قد أتمّ قول كل ما يود قوله فقد مات المبدع فيه, ولذلك يخلد الرمز الإبداعي الذي نحس أنه لم يتم حديثه بعد, وتنشأ من بعده موجةُ أو موجات تمثل مدرسة أو مدارس تحاول أن تجيب على سؤال ما الذي كان يود قوله هذا الرمز الإبداعي ولم يقله, ولكن كما أسلفنا أن شاعرنا المبدع محمد نعمان الحكيمي يريد أن يقول شيئاً من ذاته وليس حكاية عن أحد أو محاكاةً لأحد, وهذا من خلال معرفتي الشخصية به مبدعاً متميّزاً بتلقائية وبساطة تحترم الجوهر الإبداعي ولا تلقي بالاً للبهرج المفتعل, فيعيد فيه التعريف بالشعر مغرّداً:
لليل واجهة انكساري = و صداع أقبية النهارِ
و الشعر ، شرفة أدمع = مأهولة بصدى انبهاري
و النص يبحث في المدى = عن جملة نحو الفرارِ
و أنا على شجن المنى = قمر أضاع يد المدارِ
و رؤى معتقة ، ولا = أثر يدل على وقارِ !
حتى أنه يستطيع التحليق بالقاريء بعيداً ولو في أفقٍ قريب حيث تكون "رفيدة" ابنته في الوردة الثالثة من حديقة عمرها- بإذن الله-, فيتداعى الأب المبدع محمد بسبك لا يراعي رقيباً غير الذات على البنية الشكلية أو الفكرية للقصيدة فيغني صادحاً:
ثلاث ، لحنُها حُبِّي = و صوتُ غنائِها قلبي
ملأتُ بشدوها دربي = و لكن دونما جدْوَى
***
ثلاثٌ ، يا ابنةَ النعمانْ = و ميقاتُ الهَوَى ظمآنْ
فلا قلبٌ ، و لا وجدانْ = سوى ما تنتج البَلْوَى
***
ثلاثٌ ، و الهوى شاهدْ = علَى ما دمَّرَ ( الرَّافِدْ )
و كيف بخافقٍ بارِدْ = تَنَكَّرَ لي الذي أهْوَى
***
ثلاثٌ ، و الحشا مَفْتُوْنْ = بذاتٍ بالجَوَى مَسْكُوْنْ
لذا يا طفلتي مَحْزُوْنْ = لِرَّبي أرْفَعُ الشَّكوَى
ولا أحب في الختام أن أحرق بلهفة تأملاتي جماليات قد تلتذ بها عيون قلوبكم في هذا الديوان الرائع بما للسفرجل من خشونة في جمال وروعة وهدوء في صلابة وشبقٍ في وقار فلتتفضلوا بنزهة في جمال خاص لهذا المبدع الخاص.
فؤاد المجنبي
صنعاء 16-فبراير2014م
في تصديره لديواني الجديد
رد مع اقتباس