أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: حـذار من شُـبْهَـة التشـاؤم .. (1)

  1. #1
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي حـذار من شُـبْهَـة التشـاؤم .. (1)


    لو حدث- يوماً- أن وجدت نفسك طرفاً في حوار ..
    ولاحظت أن الطرف المقابل لك يمتلك الجـرأة على تسفيه المنطق والسخرية من الموضوعية ؛
    ولمحته يتلذذ بالقفـز على الحقائق ؛ ووجـدت أنه لا يتورع عن المحاجّـة بأدلة تعوزها الحكمة ؛
    ورَشَحَ لك من قناعاته أن العنف هو خياره الأول مُكـرّر- بعد الحُجّـة الضعيفة ؛
    وأدركت أن من هواياته ومواهبه لي أعناق الألفاظ - لتتطور دلالاتها- فتـُحيل هزيمته إلى نصر ، ونصر أعدائه إلى هزيمة ؛
    وإذا بدت لك منه ثقافة المكابرة والضبابية والتعميم .. كالاحتفاء المعلوم - بنجـاح مـزعـوم ،
    أو تفاخره بأمجاد قديمة - انتهت صلاحية بعضها ويفتقر الآخـر للبراهين ؛ والاستبشار بمستقبل زاهر مُستشهـِدَاً على قدومه بعموميات القول ؛ وتجاهله لحاضره الأليم ؛
    وإذا تراءت لكَ استهانته بالمواجهة- اعتماداً على ضعفه القوي- في مقابل- القوة الضعيفة لدى خصمه ...

    فاعلم أنـّكَ تُحاور إنساناً وفيّاً وطـَمُوحٌاً ومتفائلاً ومؤمناً- من الدرجة الأولى- وفق تصنيف الثقافة العربية والفكر الإسلامي - السائدين اليوم .

    ولكي تحظى بصحبة هذا الوفي المتفائل وتأنس بمجالسته الطـَمُـوحة وتنعم بجنة ذاك المؤمن .. فعليك أن تنأى بنفسك عن شبهة التشاؤم ..
    الأمـر الذي سيُـحتم عليك إنكار مأساتك العملية في الحاضر ؛ والتظاهر بسعادة-جدلية- في مستقبل مجهول- رسمته أوهـام في عالم الأحلام في فضاءات خيال العاجـزين .

    فالمتفائلون المفرطون في تفاؤلهم هم أناسٌ يعيشون بيننا أجساداً- بينما يعيشون فكراً- في عوالم أخرى من نسج الخيال السعيد ، أي أنهم ليسوا واقعيين ، ويصل بهم الأمر حـد التجاهل للحقيقة وتعطـيل وظيفة العقل .

    وستلاحظ أن الحديث عن المنطق والموضوعية هو أكثر ما يغيظهم ؛ فهم يعتبرون الواقعية تشاؤماً غير مُبـرّر .

    وإذا كنت توافقني - فأنا لا أعلم للتفاؤل خطاً وسطاً- يُقيم للمنطق وزناً- إلا ما ندر ؛ فالمعتاد هو ارتباط التفاؤل بالإفراط ، والميل إلى مجاراة الخيال في تجسيد وهم النجاح والسعادة- والتلذذ بذلك الوهم في واقع افتراضي ..
    وأرى أيضاً أن المتفائلين هم أقـرب الناس وأقدرهم على تحريف مقاصد المفاهيم وتلويث الثقافات- بارتكابهم الأخطاء وتبريرها ..
    لأنهم يرسمون لأنفسهم مستقبلاً افتراضياً جميلاً ، ويعيشونه حاضراً قبل أوانه . فتراهم سُـعداء في أوج مرارة واقعهم - وهذه قمة اللا منطق واللا عقل . وهذا ما يُربك عقول البُسطاء فيُحيلهم إلى غثاء .

    فالمتفائلون يؤولون الأمور باتجاه إثبات أن رؤاهم وأحلامهم بدأت تتحقق ، فيتجاوزون حدود الواقعية والموضوعية والعقلانية-غالباً .

    وأجِـدُ جُـلّـهم يحيون حياة غريبة- فلا يعبئون كثيراً بالمضاعفات السلبية لقناعاتهم وتصرفاتهم ، ولا يُعيرون اهتماماً للمفاهيم الأولية للكرامة . وتستند مشروعيتهم إلى سد الحاجة بالنتيجة أكثر منها إلى الطريقة ..
    ففي حين أن الآخرين يُشفقون عليهم - تراهم يتلذذون بذلك ويحسبون الأمـر لصالحهم ، ويعدونه نتيجة إيجابية لتفاؤلهم وحبهم المشروع للحياة .

    أما إذا سـرّك جـدال المتفائلين والمُشاحّـة في مصطلحاتهم – بصفة عامة ، وأردت أن تـُحـدث خرقاً مادياً يُبـدّد سكونهم الوهمي .. فلك أن تتساءل أمامهم عن مزايا الموت وعيوب الحياة ..!
    كأن تتجرأ مثلاً وتقول .. أن أجمل ما في الحياة موتها .. ثم تستطرد شارحاً وجهة نظرك ..
    تقول القاعدة العامة أنّ لكل قاعدة شواذ ، والموت هو أول الشواذ لقاعدة " كل ممنوع مرغوب" .!
    ولكل مفهوم مُتعارفٍ عليه-استثناءات ، والموت استثناء من مفهوم" كل مجهول يُـثير الفضول" .!
    وكراهية الشيء والخوف منه لا تحظى بالإجماع-عادةً- إلا بمعلومة مؤكدة أو تجربة عملية- تـُبرّر تلك الكراهية وذلك الخوف..

    إلا في أمـر الموت ، فالجميع متفقون في كُـرههم له ورعبهم منه- انطلاقاً من حبهم لغيره ( الحياة ) ، وليس لسبب معلوم في ذات الموت .! ..

    وقد يشي استثناء أمـر الموت من هذه القواعد والأعراف- بأن كراهية الموت ليست مُبـرّرة ، أو أنها ليست منصفة ، أو ليست مفهومة-على أقل تقدير- إلا وفق قاعدة " أن الإنسان عدو لما يجهله ".! ..

    وهذه نتيجة تصب في صالح الموت- إذا استثنينا الفـزع الذي ينجم عن أسباب وكيفية الموت المفاجئ "اللا إرادي" ؛ وهو العذر المفقود في حال الموت الاختياري .

    ومن المفارقات التي تعايش معها العقل البشري دونما قراءة منطقية تخترق رموزها .. هي أنه :
    إذا كان الجميع يُحبّـون الحياة ويكرهون الموت ويخافونه ، فما بال "الانتحار" تـُحـرّمه الشرائع السماوية ، و تمنعه الدساتير الوضعية ، و تنبذه وترفضه الأعراف البشرية .!

    ثم هل لنا أن نتساءل : لماذا لم يُـشـرَّع ويُباح الموت الاختياري (الانتحار) ، اعتماداً على- سُـنـّة- حب الإنسان للحياة .؟

    أم أن الأمر قد يتجاوز هذه الصيغة من الطرح أو التساؤل، ليأخـذ الأمـر صيغة التفاؤل في علاقة الإنسان بالموت .. ويكون السؤال :

    هل يمكن أن يتم التآلف أو التزاوج- يوماً- بين الإنسان والموت- على حساب علاقة الإنسان بالحياة وحبه التقليدي لها ؛ ذلك الحب غير المتبادل- والذي هو من طرف الإنسان لصالح الحياة ..!

    ومن ثـَمّ يكون استثمار الموت الاختياري كأحد البدائل لحل الإشكاليات الناجمة عن تضارب مصالح وأفكار البشر ، أو تلك الناجمة عن عدم التكافؤ بين المطلوب والممكن- في مجتمع ما ، أو لدى فرد ما ..!

    أم هل يحق لنا نحن معشر المتشائمين- أو غير المغرمين بالحياة- أن نطلق العنان لخيالنا فنتصور مستقبلاً مشرقاً ومكانة رفيعة للموت بين بني البشر؛ كأن تـُكتشف حقائق وأسرار في أمـر الموت- تؤدي إلى قلب الموازين السارية- حتى يصبح الأسف والبكاء على من تأخر موته من الأحباب ؛ وتكون المواساة في الحياة والتهنئة في الموت .

    للموت إذن .. مع الإنسان - في مقابل الحياة - فلسفات وحِكـم ومفارقات- يكتنفها الغموض والطرافة أحياناً-إن صح التعبير .!

    ومما يُـثير الاستغراب في شأن الموت .. هو رعب الإنسان الشديد منه ، وعدم استعداده له أو لما بعده- مع علمه أنه قادم لا محالة ، وأن كل لحظة قد تكون هي لحظة وصوله .
    فعِـوض الاستعداد له- نجد الإنسان يبذل كل ما يملك من مال وجهد من أجل تأجيل وصول الموت- لساعات أو لأيام ، أو حتى لسنوات ...

    وتأجيل الموت مدة زمنية محدودة وليست معدودة- قِصراً ؛ ودون هدف يُـذكـر- سوى متابعة دورة الحياة الآنية التي أكمل الإنسان محيط دائرتها دوراناً- مرات عديدة ، وأشبعها دراسة وخبرة- نظـرياً وعملياً ...
    وهذا مُبـرّرٌ لا يقبله المنطق السليم .. إلا في ثلاث حالات- مجتمعة أو منفردة - فيما أرى .. وهي :

    1- أن مصير الإنسان بعد الموت .. يـتأثر إيجاباً بزيادة عـدد أيامه في الحياة الدنيا ، وسلباً بنقصها .. وهذا المُـبرّرُ ليس متوفراً .

    2- أن للموت محاولات معدودة للفتك بالإنسان .. إذا تجاوزها تمكّـن الإنسان من الخلود في الدنيا .. وهذه فرضية ليست مطروحة أو ليست قابلة للتحقق ،

    أو أنها معلومة غير متوفرة . وحتى إن توفرت فهي ستكفل الحياة فقط ؛ ولن تكفل السعادة المستمرة- والتي هي هدف الإنسان من الحياة ... أو هكذا يجب أن يكون ..!

    3- أن ما بعد الموت ظـُلْـمٌ وآلامٌ ومآسٍ - مؤكدة ، ولا شيء غيرها ، ولا سبيل للنجاة منها ، وهذه كذلك فرضية لا يُقـرّها العقل ، ولا يصح أن تكون سبباً كافياً في محاولاتنا لتأجيل ساعة الموت . .. انتهى ..

    فيما عدا هذه الفرضيات اللا واقعية – فإنني لا أجد مُبرّراً يجعل الإنسان يتمسك بالحياة ، ويكره الموت ويخافه ؛ بل إنه لا يوجد ما يُفيد بأن حياتنا الآن هي أفضل من الموت .


    يتبـع ....
    إذا سرَّكَ ألا يعود الحكيم لمجلسك .. فانصحه بفعلِ ما هو أعلم به منك !

  2. #2
    الصورة الرمزية كنعان محمود قاسم قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : May 2007
    الدولة : الموصل
    العمر : 42
    المشاركات : 224
    المواضيع : 27
    الردود : 224
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي

    بوركت اخي على هذا العقل النير
    والافكار الناضجة دمت للواحة ذخرآ
    النجاة بالصدق

  3. #3
  4. #4
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    العمر : 54
    المشاركات : 3,604
    المواضيع : 420
    الردود : 3604
    المعدل اليومي : 0.55

    افتراضي

    يذكرني موضوعك اخي الكريم بطريقه دعويه كلها تهريب منفره
    انما خلق الترغيب للتقريب
    تحية لك
    فرسان الثقافة

  5. #5
    الصورة الرمزية أبوبكر سليمان الزوي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    الدولة : حيث أنا من أرض الله الواسعة
    المشاركات : 478
    المواضيع : 29
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريمة الخاني مشاهدة المشاركة
    يذكرني موضوعك اخي الكريم بطريقه دعويه كلها تهريب منفره
    انما خلق الترغيب للتقريب
    تحية لك

    أنتِ مُـحقـّة .. فالأمـور ليست بالسوداوية التي يـراها المتشائمون ..
    إلا أنها وبالمقابل .. ليست بالبساطة واللين والوردية والعشوائية التي يتصورها ويتمناها -بل ويعيشها - المتفائلون ..

    سـرّني مرورك .. وساءني إيذاء الموضوع لشعورك ..

    أشكرك كثيراً ..

  6. #6
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    معلوم ان المسلمين هم اشد الناس حبا ً لحياة الالتزام ...

    الالتزام الذي ينضبط بتحقيق مراد الله منهم ... ولااعني الاسلام الطقوسي هنا ... بل الاسلام الذي يقر ان البشر مستخلفين فوق الارض خلقوا لاليعبدوا الله ويعمروا الارض

    اخي الفاضل والمفكر القدير :


    نظرة سريعة فيما نراه في المشهد الفكري من رؤى ومتون ثقافية سترينا اشكالا ً شتى من رجال الاسلام


    فهذه فضائيات تروج التقزيم فتزيد شباب الامة الضال ضلالا ً تبين لنا ان النجومية اليوم هي في التسارع والتسابق في حيازة لقب سلطان الطرب كدلالة على أمية محزنة تستقر في عقول شباب غدنا .

    وكرد فعل من الشباب الجاد والذين بدورهم انقسموا الى فئتين غادروا ارضنا اليوم :
    1\
    تيار هيمنت على عقليته الجادة فكرة الثأر فأنتسب الى فريق الاستشهاديين يريد ان يثبت لذاته انه إنسان فاعل ونافع للأمة الخاملة – حسب رأيه – فيشكل هو صوت الصحوة والاعتراض فينبري يحدثنا من دون تردد عن أفكار خطيرة للتوثب ورد عدوان الكافرين ( الدكتور ايمن الظواهري كمثال ).
    2\
    تيار يريد ان يستنطق منافع الارض بعد ان فاضت جمجمته بمتون العلوم الحديثة من (كوسمولوجيا) و(انثروبولوجيا) و(ألسنيات)،يستقرء غد الامة عسى ان يفك اللسان من عقال، والضمير من غيبوبة
    ولان هؤلاء لاتربة لثمرة شجرهم النافع تراهم يغادرون ارضنا الى ديار الغرب وجامعاتها ( احمد زويل كمثال )


    وهنا تأتي دعوتك للتفاؤل أخي الحبيب


    فاذا كان امراء الطرب من جهلاء الامة – لانه خارج احداثيات الانجاز الحضاري للاسلام - فانني لايمكن ان اضع الظواهري وزويل في سلة واحدة ودعني اقارن لك هذين النموذجين الجادين مع رجل أمريكي إعتنق الإسلام هو (جيفري لانج) أستاذ الرياضيات في أكبر جامعة اميركية وصاحب كتاب (الصراع من أجل الإيمان) وهو لا يشبه أغلب مثقفي المسلمين في طبيعة شخصيته خصوصا ً انه توصل الى حقائق الاسلام عن طريق التفريق مابين امية وجهل المسلمين بدينهم العظيم فقرأ هو لوحده قرآننا ومسك بأول الخيط في الهداية
    لو قارنت بين جفري هذا وأي مسلم نشأ في ثقافة الصراع القبلي ، والانتساب الطائفي وثقافة لاتميز مابين الفحولة والرجولة ، وثقافة الاتكاء على الشفاعات في النسب لادركت من هو الامي وكيف هو ضرره على عموم المنهج الاسلامي.
    في شمال مدينتي – الموصل – قرى كاملة لمن لايزال يواصل عبادة الشيطان ،هم جماعات اليزيديين في جبل سنجار، وفيهم الطبيب والمهندس والمحامي والشاعر والرسام والجميع يحرم على نفسه لفظ أي كلمة فيها شين وطاءلأنه يذكر بالشيطان مثل خاط وشاط وطشت في امية فطرية ليست في درجة ضررها كمن يحيل الباطل الى حق كالذي يدعي انه من نسل أبناء الله وأحباؤه والله رب العالمين واحبهم إليه أتقاهم ولم يكن ربا ً قوميا ً كما يدعي ذلك اليهود
    إن خطر الجاهل على الامة اضعاف اضعاف خطر الامي وعندك مثال العاطل عن العمل فلا أثر له ولا فاعلية ، بل هو يفعل النمط السلبي لكونه يستهلك ولا ينتج لذا علينا أن نأخذ بعين الاعتبار كون واقعنا المؤلم يتصف بالالتباس والتعقيد لاننا لانؤمن انه واقع شعاره التغالب والحراك المستمر.


    \


    لاعدمناك ايها السامق
    الإنسان : موقف

  7. #7

المواضيع المتشابهه

  1. يا مَنْ تمَكَّنَ مِنْ فُؤادِي حُبُّها
    بواسطة أحمد موسي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 58
    آخر مشاركة: 31-05-2010, 02:51 PM
  2. "مَن كذَبَ عليَّ مُتعمِّداً، فليَتَبوّأْ مقعدَهُ منَ النّـار "
    بواسطة أسماء حرمة الله في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 25-03-2008, 01:17 AM
  3. حـذار من شُـبْهَـة التشـاؤم .. (2)
    بواسطة أبوبكر سليمان الزوي في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 05-09-2007, 10:55 PM
  4. مَن قتل مَن ؟
    بواسطة سعيد أبو نعسة في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 01-12-2006, 09:20 PM