يوسفُ عاشقا
أوقفتني وللدموع شؤونُ
فوق وجْناتها فكدتُ ألينُ
كسرتْ لحظَها فخرّ فؤادي
ساجدا غيرَ أنني لا أخون
ليتني - ذاتَ منصبٍ وجمالٍ-
مطلقُ القلبِ لا تعيه الديونُ
قيدتني رقيقَها ذاتَ دهرٍ
وأنا بعدُ في الغيوب جنين
فذريني فإنما هو قلبٌ
واحدٌ حسبُ والهوى صهيونُ
*****
ضربتْ موعدا فقلتُ ربيعا
غبَّ آذارَ والجمالُ فنونُ
في عيون ٍمن الأزاهير نَشفي
لوعةَ الوجدِ والغصونُ جفونُ
*****
فبكتْ غادةُ الدهورِ طويلا
ذاك يا مدّعي الهوى لا يكونُ
موعدُ الوصل ذات َليلٍ سحيقٍ
والسماواتُ غاضباتٌ هتونُ
ذاتُ برقٍ وراعداتٍ يغني
فوق صهْواتها الردى المجنونُ
تهمسُ الريح ُعند كلّ انعطافٍ
عدْ فما في سُراك إلا المنونُ
لن ترى في الدروب غيرَ قتيلٍ
أو رثيثٍ قد ضجّ منه الأنينُ
*****
ليس للحبّ ما علمتِ حدودٌ
حدُّه الوصلُ أو ردىً أو جنونُ
إن أكنْهُ غريقَ دمعي فحقٌّ
غرقي في دمايَ وهْو يهونُ
أنتِ حلمي لدنْ سقاني طُفَيْلا
شَهْدَ أردنَّ دجلةُ المأمونُ
كم تغنّتْ على مهاديَ أمّي
باسمكِ القدسِ كي تضلَّ الجفونُ
ساقني الحبُّ شطرَ لبنانَ يبغي
قربَ أرضٍ بها الحبيبُ سجينُ
فسقاني لدى بعلبكّ عاص ٍ
قهوةَ الأرْزِ غالها الزيزفونُ
راودتني دمشقُ بالكأس صرفا
بردى الخمرُ مِزْجُه الياسمينُ
فاتناتُ الشآم طوعُ بناني
عن يميني وعن شمالي عزينُ
حلبٌ غادةُ الشمال وحمصٌ
وحماةٌ وشيزرٌ والعيون ُ
لم يملْ خاطري لغيركِ يوما
أو جرى في هوى سواك الوتينُ
قد قرأتُ الزمان مذْ كان طفلا
فإذا أنتِ قلبُه والعيونُ
*****
أسرجِ الخيلَ يا حبيبي جنونا
وارتدِ الموتَ فهْو درعٌ حصينُ
وائتني في ضراغمٍ من جحيمٍ
طُعمها الموتُ والدماء ُمَعينُ
طهّر الدربَ من أفاعٍ تراءتْ
حورَ عينٍ يظنّها المفتونُ
سترى البِشرَ في وجوهٍ توارى
خلْفَه خنجرٌ لها مسنونُ
سوف تلقى من الحبيب عدوّا
سوف يلقاك في الأمين الخؤونُ
لا تَلفّتْ لعلّ بعضَ التفاتٍ
ضاع فيه من المسير القرونُ
*****
ركبتْ صهوةَ السحاب وغابتْ
وعيوني لدى الفراق عيونُ
شؤون :مجاري الدمع
صهيون: اسم للقدس
عاص: نهر العاصي
رضع يوسف في تكريت وراهق في بعْلبكَّ وشبّ في دمشق