تــــســــبــــيـــحـــة الــــــفــــــقــــــراء !
شعر / جبر البعداني
فــقــراء بــــاب الله يـنـتـحـبون شــعــرا
فـإذا الـسمٰوات اسـتوتْ عـجزاً وصدرا
يــتـشـابـه الــفـقـراء فــــي صـلـواتـهـم
والأنــبـيـاء؛ وخــشـيـة الـفـقـراء أثـــرى
فــالأنــبـيـاء أمــــــام عـــبـــرة جـــائـــعٍ
يـتـوقّـفـون لــيـقـرأوا الــعـبـرات ذكـــرا
والــفــقـر أوّل مـــــن ســتــطـرق كــفّــهُ
بـــاب الـجـنان لـيـدخل الـفـقراء تـتـرى
الــفــقــر ســـتـــر الله ثــــــم كــشــفـتـهُ
بـغـنايَ عــن جـهلٍ فـصرتُ الآن أعـرى
الــفـقـر مــائــدة الــنـبـيّ ومـــن يـــدي
أكـــل الـنـبـيّ وقـــام لـلـفـقراء شــكـرا
والأولـــيــاء عـــلــى مــواجــع غــربـتـي
يـتـمـثّـلون وإنّ بــعــد الــعُـسـر يُــسـرا
يـسـتـقـبـلـون دمـــــي وكــُـلّــيَ قِــبــلـةٌ
مــكّــيّــةٌ قــدســيّــةٌ حـــــرمٌ ومـــســرى
يــتـوضّـؤون بــمــا ادّخـــرتُ لإخــوتـي
مــن دمـعي الـممزوج بـالصلوات عـطرا
جـــاؤوا مـــع الـفـجر الـبـريء قـصـيدةً
ألـهـمـتها وجـعـي فـقـالتْ عـنـه عـشـرا
وتــخــيّـروا ســـجّــادةً مـــــن رهــبـتـي
وقــفـوا عـلـيـها لـلـصلاة فــزدتُ طـهـرا
فـــقــراء بـــــاب الله فـــــي دعــواتــهـم
قـرأوا الـسمٰوات الـعُلى سطراً فسطرا
وتـصـفّحوا الأرضـيـن واسـتـمعوا إلـى
شكوى الرمال فألهموا الصحراء صبرا
كـــفــروا بـــديــن الـــمــال لــمّــا ألّــهــوا
دمــــع الـيـتـيم وقـبّـلـوا عـيـنـيه جــهـرا
فُــتــنـوا بــفـقـر الأنــبـيـاء فـأصـبـحـوا
خــيـر الـمـلـوك وأعــظـم الأمــراء قــدرا
هــبــطـوا مــلائــكـةً وبـــيــض أكــفّـهـم
حـمـلتْ رقــاع الـغـيب لـلـشعراء سِـفرا
ألــقــوا عــلـى قـلـبـي الــسـلام نــبـوءةً
بـشـرى فـقـد أوتـيـتَ مـا أمّـلتَ بـشرى
ســـجــدوا فــكــان الــمــاء أوّل مــؤمــنٍ
بالله ؛ والــطــيـن الــمُـكـابِـر زاد كُــفــرا
فـتـحـوا كـتـاب الـفـقر مـصـحف عـابـدٍ
نــاداه صــوت الـوحـيّ سـمّ الله واقْـرا
فـقـراء هــزّوا الـلـيل فـانكشف الـدُّجى
وتـسـاقـطتْ أغـصـانه الـسـوداء فـجـرا
مـسـحوا دمــوع الــورد فـانهمر الـندى
قُــبـلاً تــواعـد زهـــرةً وتـــزور أخـــرى
عـشـقـت عــفـاف الـيـاسمين ومـارسـت
طـيـش الـفـراش فــراودت خــدّا وثـغرا
فــقــراء بـــاب الله لـــو بـصـقـوا عــلـى
وجـــه الــتـراب لــصـار ألـمـاساً وتـبـرا
رغــبـوا عــن الـدنـيا وقــد هــاءت لـهـم
بِـكـراً فـكـيف ولــم تـعد عـذراء بِـكرا ؟
وأنــا ابــن هــذا الـفـقر صـاحـب سـرّهِ
لا أنــحــنـي إلّا لـــكــي أزداد كِـــبــرا
فـتـضيق بــي الـدنـيا وأمــدح وسـعـها
وأرى -إذا اتّـسعتْ عليَّ -الكون شبرا
وأرى عــلــى فــقــري لــفــرط تـعـفّـفي
حــظّـي بــآخـر آخــر الأعــداد صـفـرا
فــأمـوت مـــن جـــوعٍ وأمــنـح لـقـمـتي
غــيـري بـــلا مـــنٍّ ولا أرجـــوه أجـــرا
لأمـــوت مــرفـوع الـجـبـين وفــي يــدي
سـكّـيـنةٌ ألـقـمـتها مــذ جـعـتُ خـصـرا
يـــــا كــبــريـاء الــنــخـل أيّـــــة مــيـتـةٍ
تـلك الـتي مـنحتكَ رغـم الموت عمرا ؟!
فــتــركـتَ أُبّـــهــة الــقــصـور لأهــلــهـا
وبـنـيـتَ قـصـركَ عـنـدما شـيّـدتَ قـبـرا
فـــقــراء ؛ آخــــر مــــا سـتـكـتـبهُ يــــدٌ
طـــارت يـمـامـتُها لـكـي تـرتـدّ صـقـرا
تـسـبـيـحـة الــفـقـراء أقــــرب ســجــدةً
لله زدنـــــا أيّــهــا الــــوهّــــاب فــقــرا