أربعُ مساحاتٍ للوطن
" والبقية في علم الغيب "
المساحة الأولى
يا رمدة الحر، رغم البرد زرتينا. يا قسوة الليل رغم الصبح تأتيتا. يا وجع الفؤاد المتيم بعشقك يا هذه الأرض، هلاّ من رحيقك العذب تعطينا؟ يا موطن الأجداد عدنا، نحمل العبق المسافر في حقائبنا المزركشة بألوان العلم، في مساحات عشقنا المتلون بالدم، في أرجوحة الصبا، وبقايا الألم، في كل شىء يمت للشموخ بصلة، نعيش مع الشمس حكايتها، ومع القمر مناجاته. نشتاق إليكِ أيتها الأرض الطيبة مع كلِ فجر جديد، ومع كل شمس توزع ضوؤها على هذه البسيطة.
المساحة الثانية
يا أيها المشرد في المنافي، يا عالقا في الأودية والسهول، منذ متى وأنت تترنم بهذا الوطن؟ منذ أن كنت في رحم القدر. منذ أن سطع الضوء في عينيك، أدركت أن العشق خصلة في روحك ، وجزء من كيانك. غــــزة: يا ذاك الحلم الجميل للعودة، يا أملاً في احتضان الوطن. أيتها الجميلة وسط الفتن، أيتها الشامخة وسط المحن، أيتها المشتاقة لفلذات أكبادك، ها أنت تثابرين لأجلنا، وتكابدين لأجلنا، ونحن لا نزال نحلق في حلم الرجوع .
المساحة الثالثة
كيف كنّا نعرف العيد؟ ما كان العيد إلا بابتسامات الوطن. كان العيد بالشموع التي توقد كل يوم لتضىء للمجد طريقا. كان العيد بالشهداء والجرحى. أيتها البلاد الجريحة من كل شيء، المكلومة في عزها، في روحها، المغلوبة على أمرها، رجال العز يوما قادمون. لن تكوني وحدكِ منذ الآن، فأنت حاضرة الجنان، وأنتِ منارة لأولي النهى. بك يحلو العيد يا جميلتنا الحزينة، بك تكبر الأمنيات، وبكِ تزهر الأرواح من جديد، بكِ ينمو الحب أكثر، بكِ كل رياحين الهوى تكبر.
المساحة الرابعة
في زمن الخيانات ، وزمن التآمر ، لم نعد نفرق بين الحق والباطل ، هل هذا معقول ؟ هل بات الظالم مظلوماً ياشعبي ؟ هل أضحى القاتل مكلوماً ياوطني ؟
زمن تخطى ببشاعته ، كل أزمنة الحقارة ، طغا الأخ وتجبر ، وعلا صوته بالباطل وتكبر .. وصوت الحق يعلو الله أكبر .
في زمن بيعت فيه الضمائر وبيع الدين والمبدأ بحفنه من الشواكل ، أشباه رجال لا يملأ عيونهم إلا التراب .