أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: في كرة القدم

  1. #1
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 111
    المواضيع : 16
    الردود : 111
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي في كرة القدم

    في كرة القدم

    أنا لاعب كرة القدم، اللعبة الأكثر شعبية في كل بلدان العالم، و التي استولت على عقول الناس كبارا وصغارا ذكورا و إناثا، و اللعبة، كما كانت في الأصل، أو كما بدأت، صارت بعد مرور الأعوام ..تجارة، و أي تجارة! بل تجارة و صناعة و.. أعمال أو صفقات! تجذب إليها أموالا طائلة تتداول بين عدد قليل من الأفراد ، هم بمثابة ملوك اللعبة، و اللاعبون الذين يحظون بنسبة ضئيلة من هذه الأموال ، هم بمثابة أولئك العبيد المحاربين في العهد الروماني، و الذين يتصارعون في الميدان من أجل التفوق على الخصم، بفرق هو أن المحاربين القدامى يتصارعون من أجل كسب حريتهم، أو من أجل إرضاء نزوة الملك، بينما يتصارع اللاعبون اليوم من أجل كسب المال، أو الشهرة التي يأتي من ورائها المال، و في ذلك تجد أيضا كثيرا من الناس يكسبون عيشهم من جملة الخدمات التي تحتاجها اللعبة، ابتداء من إنشاء الملاعب ، و تشغيل معامل النسيج، و مصانع للكور و غير ذلك من الأمور التي تعود بالنفع على الأفراد و على الدولة.. وكل هذا و إلى هنا، جميل و مفيد لا غبار عليه.
    غير أن حديثي في الحقيقة ، ليس هدفه هذا، و لكن شيء آخر ، له صلة بما يعرف في لغة الشارع بلعبة الكواليس أو شراء المقابلات أو غير ذلك مما يصب في نفس الغرض، و هو سلوك تلجأ إليه كثير من الفرق الكبيرة و الصغيرة على حد سواء، بغرض الاستحواذ على بطولة غير مستحقة، أو لتجنب السقوط إلى الدرجة الدنيا، وقد تنجر عن هذا السلوك فضائح كبيرة تخلف آثارا سيئة على الفرق و ما يتبعها، كما حدث مؤخرا في بطولة إيطاليا.
    مرة أخرى، حديثي ليس هدفه هذا، إنما أريد أن أعبر عن تجربتي كلاعب معروف في الميادين بموهبتي الفذة في اقتناص الأهداف ، و أريد أن أتكلم عن حادثة وقعت لي منذ أيام، حادثة لم تكن بالنسبة إلي أمرا ذا بال قبل ذلك ، كنت أحسب الأمر من القواعد الأساسية في اللعبة، أن تطبق أمر المدرب أو أمر المسير، تطبقه بما يمليه عليك الأمر، لا بما يمليه عليك ضميرك. كنت أكر و أفر، أجول و أصول، حسب رغبة هذا المدرب أو ذاك المسير، دون أن أعير اهتماما للجمهور و صياحه، مثلي مثل ذلك المحارب الذي جرّد من خاصية التفكير، المهم عندي هو إرضاء المدرب أو المسير، لأنه هو ولي النعمة التي أعيش فيها أو هكذا أتصور الأمور في رأسي الصغير.
    و لكن لكل شيء نهاية. منذ أيام خرجت من نفق مظلم ، أو قل خرجت من سبات عميق، سبات من الغفلة أو الجهل، و عندما فتحت عيني وجدتني مثل ذلك الذي اخترقه سهم قاتل، إن بقي السهم مغروزا في لحمه طالت به الحياة إلى حين ، و إن نزعوا منه السهم خرجت روحه في التو، ماذا أفعل حيال هذا الوضع الشائك؟ لا شيء! لأني لا أعرف أن أعمل شيئا آخر غير الركل في الكرة، و لا أعرف لي حيلة تجنبني المصير المحتوم، فأصحاب النعمة سلبوا مني كل خلايا التفكير.. و ها أنا اليوم أستغرب ما أنا فيه من حالة وعي لم يسبق لها مثيل في حياتي، قلت في نفسي ،ربما هي الكرة التي كنت أركلها دائما ، هي التي أيقظتني.. عندما ارتطمت برأسي الصغير ارتطاما أوقعني على الأرض مغشيا علي مدة من الزمن، لم أستفق منها سوى في غرفة الإنعاش.. ركلتني عوض أن أركلها، هي صدمة و صدفة التقيتا على رأسي الصغير ، وحدثت بينهما شرارة أعادت إلي أعز ما يفخر به الإنسان كإنسان..الضمير!
    لا تلمني إن أطلت عليك أيها القارئ الكريم.. و لا تحسب أني أجرجرك معي لأطعمك شيئا تافها،لا! بعيد عني هذا السخف، إنما هذه، طريقتي في اللعب فقط، فانا كما يعرفني الناس، لا أسجل الأهداف إلا في اللحظات الأخيرة من المقابلة حتى لا أترك فرصة للخصم كي يبني هجومات لقلب ميزان المقابلة، كانت تلك نقطة القوة عندي، و التي كان يسعى لها أصحاب الفرق و يبذلون في سبيل الظفر بخدماتي المال الكثير، و لذلك تراني غير مفصح عن فكرتي من البداية، و أنا الآن في نهاية الشوط، قصدي في الأسطر الأخيرة، و لا بأس أن أسكن الكرة في شباكك، قصدي ، أن تعرف فكرتي ، و هي أنني وجدت نفسي اليوم في حيرة كبيرة و أنا أمام المرمى الشاغر الذي هجره الحارس بعدما أزاحته مراوغتي عن طريقي، والهدف و الحال هذه، لا يمكن أن يغفر لي عدم تسجيله، و لكن من جهة أخرى، فأنا قد تلقيت قبل ذلك أمرا بعدم التسجيل لسبب لا أعرفه، قيل لي بالحرف الواحد، جملة قصيرة واضحة و دقيقة مثل قصر الأمر العسكري و وضوحه و دقته: " لك مكافأة كبيرة إن واتتك الفرصة و لم تسجل "، أمر في غاية الغرابة، لأن مثل هذا الأمر كان في بداية الموسم هو: " لك مكافأة كبيرة إن واتتك الفرصة و سجلتها " ، و في موقف كهذا الذي وجدت فيه نفسي، الوقت لا يمهلك لتناقش الأمر، و أنت في لحظة لا تحتمل الانتظار، و كانت الومضة ، أضات كياني ،و بدا المرمى أوسع مما هو، فركلت الجلد المكور، و اهتزت الشبكة، و اهتز معها من اهتز، و خمد إثرها من خمد.. انتهت المقابلة بعد ذلك بفوز فريقي، و بعض الفوز.. يولد الخسارة.. خسر الفريق حقيبة كان يمكن أن يكون لي منها نصيب، كما أفهمني الرئيس بعد ذلك،.. و خسارة لي أيضا، ليس لأنني لم أستفد من مال لعبة الكواليس، و لكن لكوني أصبحت مغضوبا علي ، إذ لم يفتح لي منذ تلك المقابلة، باب ، كل الفرق أوصدت أبوابها في وجهي، فقد صرت بين عشية و ضحاها مشاغبا، غير منضبط، قليل المردود، مرتشي...

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    العزيز عمر..

    مما لاشك فيه ان النص اخذنا في البدء الى اغوار الملاعب الخضراء لتحملنا بعدها الى افاق الحياة الواقعية التي نعيشها ونراها ونلتمس احداثها ووقائعها بعين مبصرة لكن غير قادرة.. وتذكر بان الافعال العظيمة تظهر غريبة عن حياتنا اليومية وان كانت طبيعتها مغروسة في طبيعتنا وهي وان اقامت فجأة في مجيئها وفجأة في مرورها بنا فان جوهرها الحقيقي يرافق السنين والاجيال.


    ربما هكذا نعد لاعبا مميزا ..لايخضع بسهولة...للدنيا

    محبت يلك
    جوتيار

  3. #3
    قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 111
    المواضيع : 16
    الردود : 111
    المعدل اليومي : 0.02

    افتراضي

    تحية تقدير لكرم مروركم سيدي الفاضل
    أخوكم عمر

المواضيع المتشابهه

  1. (كرة القدم) ضياع أم قِيَم
    بواسطة احمد عبد الرحمن في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 19-02-2010, 11:23 PM
  2. كرة القدم
    بواسطة د عثمان قدري مكانسي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 24-11-2009, 11:30 PM
  3. كرة القدم وخبز الفقراء !!!
    بواسطة مينا عبد الله في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 21-06-2006, 02:42 PM
  4. توقف النقاط المجانية في كرة القدم قريبا
    بواسطة أبو القاسم في المنتدى عُلُومٌ وَتِّقْنِيَةٌ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-04-2005, 10:45 PM
  5. كرة القدم
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 20-02-2003, 10:08 AM