فلسطينيةٌ تراقصُني ..
نبيذي بالموت تلطخا ، وأرخى ضفائر ساقينا بأوجاع الهوا متناغما ، ترنم في الأقمار يرجو الساقيَّ أن لا تزد كأسي عن كأسها ، تراني أميلُ لأتراقص فوق أهدابها ، لأتمايلَ أنا وهي على ألفيِّ وترٍ متناسقا ، نرجو طيلةً في الليل تأخذنا حيث النورُ في الآفاقِ ، نراهُ يتباعدُ ..
فنبيذي أضحى كأساً من الفردوسِ يمتزج بخمرِها يتدفقُ الحب بين ذرات خمرِهِ ، يتناسلُ حباً متردداً على لسانِ الموت ، نرقبُ مجيئهُ والقمرْ ..
تتناقضُ الأحلام هنا ، فأيُ حلمٍ يريدنا أن نبتعِد من هنا ، ولست مبتعداً عن حبيبتي التي أمست خيطاً يرشدني إلى اللامستحيل ، حيث لا شيء يقولُ : لا ، والقولُ هناك نعمٌ تحترقُ في آذاننا ، والقوم أهلُنا في السماء قد جاؤوا هُنا ، كي يضمدوا جراحاً جارَ عليها الزمانُ القاتلُ ..
القدرُ رفيقٌ لنا ، نرجو فراقهُ كي لا يمسسنا ضرٌ أو نفعٌ فلا نريد هذا أو ذلك فكلٌ آتينا بموعدهِ ، فلا خوفٌ ولا وجلٌ ، ولا قلقٌ يدقُ قلوبنا .. أن ربما موعدهُ الآن فاهرُب ! أو موعدهُ غداً فترقب ! لا هذا ولا ذاك يقلقنا ، أنرنوا إلى السماء بحبٍ شذا وتلونَ بقطرِ الندى البهيّ ؟ ، أم نرجوا رحمةَ إلهٍ عاليا ..
أنا وهي توأمانِ ولِدنا ودفِنا ورمينا بالتراب ، امتزجَ ريقُ الهوى بألسننا ، وشحتنا الحياة تلك السوداء المتعجرفةُ علينا بماء الزهرِ ، تحدثتُ أنا وهي لوهلةٍ ثم افترقنا وذاك اليوم كان يومَ ولِدتُ حيا ، ثم دارَت بنا الأيام حيث كان اللقاء بمحراب القَدَر حيثُ افترقنا من بعدِ لقاءٍ مرةً أخرى ، وأتتني تحملُ لي أسفارَ حياتِها ، حيث جمعتها من ميزانٍ ترنح بالغباء والسذاجة ، وأتَتْ كميساءٍ تمشي على استحياءٍ تقصُ معولَ القَدَر ..
وتراكمتُ أنا وهي ..
يعبثُ بنا الزمن ..
حكراً على من أتى من أحشاء الأرضِ ساعياً ، يطلبُ أرضاً فرِحاً بقولِهِ متغابيا ، وهناك في بؤرة اللقاءِ حيثُ كانت ضيقة العبورِ خلالها ، تلاقيتُ ولمرةٍ أخرى أنا وفتاةٌ متعالية الوصفِ على الأحرفِ ، عينانِ تغزلان الشعرَ غزلاً بأحبارِ الهوى ، والشعرُ عسجدي اللونِ أملسٌ ممتزجٌ بنعومةِ السماء ، والقلبُ يضفي لون الحياةِ بالنقاءِ المكسو حباً ، وكان اسمُها أشبه بفراشة ربيعٍ جاءت من أرض الأحلام ورفيقها طويلُ الظل ، تترنمُ في الهواء وكأنها تداعبه ..
كانت فلسطينية المنظر ..
فلسطينية الملامح والقلب ..
فلسيطينة الشَعر والإظفَر ..
فلسطينية الطرقات والزقاقِ الضيقة ..
فلسطينية القمحِ والطابون الأحمر ..
فلسطينية القيودِ والأصفادِ ..
فلسطينية الكلماتِ والأحرف ..
فلسطينية الأبناء والأحفادِ ..
فلسطينيةٌ تراقصُني ..
مذكرات ما بعد 31 آذار عام 2008
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جوتيار تمر
