كانوا هنا..ورحلوا مثل برق الغمام المبشر بالغيث, مازالت أصواتهم تشذو بأحلام الطفولة المسلوبة, ضحكاتهم تترنح على أرجوحة قد انكسرت أغصانها اليانعة, وتناثرت أشلاؤها في ضفاف الصمت البعيدة, بئر عميق سجن صراخهم فلا مجيب, تردد الصدى بسمعه وارتجفت أوصاله وهو يرىفي أفق أيلول سحبا سوداء تتجمع, وتمتم:
- في حر القيظ تمطر؟؟..
وتذكر عاصفة أتت على الأخضر واليابس ذات صيف حزين, العش الهادئ اكتسحته الضوضاء وأشباح تطل من جنباته تبعث الخوف والرعب, جسده لايستجيب لايتحرك, شيء ثقيل يجثم فوق صدره ربما عاد الكابوس المرعب أنفاسه تتلاحق في سباق عجيب مع الزمن, عله يستنشق هواء يراه الآن حلما صعب المنال, ذراع محبة تحيط بعنقه وذكرى لليلة كان كل منهما يأكد فيها للآخر مدى تشبته به وحبه الكبير له, أكان وداعا ؟..
وعيون تطلعت بجزع إلى برق ومض واشرئبت تطل من النوافذ فزدادت فزعا سنقضي هنا! وتنتهي الحكاية..
غدا ينددون, ينتفضون, يطالبون مجلس الأمم بالتحقيق, بالله عليكم أين الإرادة؟؟.. أين علو الهمم؟؟؟.
سمراء تبتسم, تخلذ جبنكم وترسم خطط جديدة لقتلكم ,تنهد سالم:
- متى ينتهي الكابوس ؟؟.....
الصغار صمتوا ,استكانوا لحديث هامس في عالم آخر, لم يجدوا هنا الأمن فرحلوا..
خذر غريب يتسلل الى كل ذرة بجسده المنهك , وحماقات تطل من عال ..
الأرض تردد صدى الخطوات الثقيلة الواثقة, والآف الجند تتجه إلى ساحات الوغى سينتشر العدل, ويسود..
تمتص الأرض الدماء فتخضر جوانبها وتزغرد نسوتها شهداء, شهداء..
الضوضاء تعلو, وذهنه المتعب يحاول أن يستجمع قواه عليه أن يفر, صوت مدوي يحطم أماله في النجاة يصرخ :
- فيعود إليه صدى الصوت يبتسم لطيف عفر التراب جبينه:
إنه ذات الحلم المزعج, متى يشرق الصباح ؟؟؟........